سامر شقير يكتب: لماذا ستكون 2026 سنة فارقة في تاريخ الرياض؟
نحن لا نودّع 2025 كما نودّع عامًا في رزنامة التقويم، بل نغلق فصلًا كاملًا من التحوّل السعودي الكبير. المشهد في الرياض لا يوحي بالاستعداد لمرحلة جديدة فحسب، بل بولادة مرحلة “النضج” التي انتظرتها الرؤية لسنوات. المدينة التي كانت تُوصف قبل عقد بأنها “ورشة عمل مفتوحة”، باتت اليوم أقرب إلى “منصة عالمية” تعيد تعريف مفهوم العاصمة الاقتصادية في القرن الحادي والعشرين.
لسنا أمام مشاريع تتنافس على الارتفاع في السماء، بل أمام تحوّل في المنطق الحضري ذاته: من الإنشاء إلى التمكين، من البنية التحتية إلى البنية الفكرية والاقتصادية التي تؤسّس لدورٍ محوري تتجاوزه حدود المملكة. هذا التحوّل لم يعد يُقاس بعدد الكيلومترات أو حجم الإنفاق، بل بعمق الأثر الذي تُحدثه الرياض في الوعي الاقتصادي للمستثمرين وصنّاع القرار على مستوى الشرق الأوسط والعالم.
لقد تغيّر القاموس الاستثماري نحو السعودية. كانت النصيحة القديمة: “راقب السوق”، أما اليوم فالمعادلة انعكست؛ الرؤية أصبحت مركز الجاذبية، ومن لا يتموضع في الرياض يفقد موقعه في خريطة النمو المقبلة. لم تعد الفرص هنا مجرد احتمالات، بل مسارات تتشكّل على أرض صلبة، في قطاعاتٍ غير نفطية تتجاوز في تأثيرها حدود الحسابات التقليدية للاستثمارات.
لهذا تبدو 2026 أكثر من مجرد عام تشغيل؛ إنها لحظة الإدراك الجمعي بأن مرحلة الزرع انتهت، وأن الاقتصاد السعودي يدخل طور “التكامل الحيوي” بين القطاعين العام والخاص، وبين الرؤية الوطنية والديناميات العالمية للأسواق.
ما يحدث في الرياض اليوم لا يمكن عزله عن تحوّل في مفهوم المدينة نفسها: من مركز محلي إلى قلب إقليمي، ومن طموح إلى معيار.
نحن لا نستقبل عامًا جديدًا فحسب، بل نعيش ولادة نموذج جديد في إدارة التنمية، تُكتَب حروفه الأولى، كما العادة، بحبرٍ سعودي… ومن قلب الرياض.











