الخميس 28 أغسطس 2025 04:12 مـ 4 ربيع أول 1447 هـ
بوابة بالعربي الإخبارية
المحرر العام محمد رجب سلامة
×

أموال الانتقام.. كيف يدير محمد جمال هلال أخطر شبكة إعلامية ضد مصر من لندن؟

الإثنين 25 أغسطس 2025 09:36 صـ 1 ربيع أول 1447 هـ
محمد جمال هلال
محمد جمال هلال

ظهور الإخواني محمد جمال هلال على شاشات الفضائيات لم يكن لمجرد رسالة إعلامية يؤديها بل كعروسة ماريونيت يحركها صاحبها، للهجوم على الدولة المصرية بتوجيهات من جهات أجنبية وأجهزة استخبارتية مقابل تمويلات خارجية لزعزعة استقرار.

وأصبح «جمال» في صدارة المشهد بعد أن كشف الناشط السابق علي حسين مهدي عن تفاصيل صادمة تتعلق بشبكة تمويل خارجية يقودها من مقر إقامته في لندن.

هذه الشبكة، بحسب مهدي، هي الأخطر من نوعها، وتستهدف أمن واستقرار الدولة المصرية عبر أدوات المال والإعلام.

تمويل خارجي تحت غطاء خيري وإعلامي

وفي شهادة مثيرة للجدل، كشف علي حسين مهدي عن وجود شبكة سرية تعمل على تمويل مشاريع إعلامية وتحريضية، ويقودها محمد جمال هلال من خلال مؤسسة تتخذ من العاصمة البريطانية لندن مقراً لها.

ووفقاً لما قاله مهدي، فإن هذه المؤسسة تلقت ملايين الدولارات من أجهزة استخبارات أجنبية، على رأسها بريطانيا وتركيا والولايات المتحدة، تحت مظلة مؤسسات خيرية وإعلامية، بينما الهدف الحقيقي كان بث الفوضى داخل مصر وزعزعة استقرارها.

وأكد مهدي أنه كان يتلقى راتباً شهرياً قدره 10 آلاف دولار من مؤسسة هلال مقابل تنفيذ تعليمات محددة، تتعلق بإنتاج محتوى تحريضي ونشر الشائعات على مواقع التواصل الاجتماعي.

كما كشف عن أن الإعلامي الإخواني معتز مطر يتقاضى 15 ألف دولار شهرياً لقاء ظهوره في القنوات المحسوبة على الجماعة، بينما يحصل محمد ناصر على 10 آلاف دولار، ويأخذ عيد الشريف 5 آلاف دولار شهرياً لإدارة موقع "تفصيلة" الذي يُستخدم في نشر الأخبار المفبركة والمضللة.

وثائق وفيديوهات على فلاشات رقمية

في تطور لافت، أعلن مهدي امتلاكه وثائق وفيديوهات مخزنة على فلاشات رقمية تثبت بالأدلة المادية حجم التمويلات الأجنبية التي تُضخ لصالح جماعة الإخوان وأذرعها الإعلامية، مؤكداً أن نشاط المؤسسة التي يديرها محمد جمال هلال لم يكن إعلامياً ولا سياسياً كما يروج، بل جزءاً من مؤامرة ممنهجة تستهدف الدولة المصرية.

من هو محمد جمال هلال؟

محمد جمال هلال هو إعلامي وكاتب مصري محسوب على جماعة الإخوان المسلمين، وُلد عام 1985 في السعودية حيث تلقى تعليمه الابتدائي.
حصل على بكالوريوس في نظم المعلومات وآخر في الإعلام من جامعة القاهرة، إلى جانب ماجستير في الدراسات الإسرائيلية ودبلوم في المجتمع المدني وحقوق الإنسان من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية.

بدأ حياته المهنية عام 2006 كمراسل لجريدة "الرأي الكويتية" في القاهرة، ثم التحق بقناة "مصر 25" بعد ثورة يناير، وهي القناة التي كانت تابعة لحكم الإخوان آنذاك.
عقب عزل محمد مرسي عام 2013، غادر هلال إلى تركيا، حيث عمل بعدد من القنوات الموالية للجماعة، منها قناة "وطن". لاحقاً، انتقل إلى لندن حيث شارك في تأسيس مؤسسة "مرسي للديمقراطية" ويشغل منصب مديرها التنفيذي، كما يقدم برنامجاً حوارياً عبر قناة "الشعوب" يستضيف فيه رموزاً إخوانية معروفة.

علاقته بالرئيس الراحل محمد مرسي

كانت علاقة الإعلامي المنتمي لتنظيم الإخوان المسلمين، محمد جمال هلال، بالرئيس الراحل محمد مرسي، أكثر من مجرد تقاطع سياسي أو انتماء تنظيمي، بل مثّلت نموذجًا واضحًا لتشابك الأدوار بين الإعلام والدعاية داخل مشروع الجماعة منذ صعودها إلى الحكم وحتى ما بعد سقوطها في 2013.

تعود بدايات العلاقة بين محمد جمال هلال والرئيس الأسبق محمد مرسي إلى مرحلة ما بعد ثورة 25 يناير 2011، عندما بدأ الإخوان في التوسع إعلامياً وتأسيس منصات دعائية تروج لخطابهم السياسي والديني.

كان هلال آنذاك يعمل مراسلًا صحفيًا، ثم ما لبث أن التحق بقناة "مصر 25"، الذراع الإعلامية للجماعة، والتي تأسست لتكون منبرًا للدفاع عن مشروع الإخوان وترويج أفكارهم، تحت إشراف مباشر من مكتب الإرشاد وقيادات الجماعة.

خلال فترة حكم مرسي، تولى هلال تقديم برنامج سياسي على شاشة قناة "مصر 25"، لعب من خلاله دورًا واضحًا في الدفاع عن قرارات الرئاسة، وتبرير سياسات الدولة تحت حكم الجماعة، والترويج لما سمي وقتها بـ"الشرعية"، وهو المصطلح الذي تحوّل لاحقًا إلى شعار دائم في خطابه الإعلامي.

دعم مستمر بعد سقوط مرسي

بعد الإطاحة بحكم جماعة الإخوان في 3 يوليو 2013، غادر محمد جمال هلال مصر متجهًا إلى تركيا، حيث واصل نشاطه الإعلامي من خلال عدة قنوات محسوبة على التنظيم الدولي للإخوان، أبرزها قناة "وطن"، ثم انتقل لاحقًا إلى لندن ليؤسس مرحلة جديدة من ارتباطه بالرئيس الراحل، من خلال تأسيس ما يُعرف بـ"مؤسسة مرسي للديمقراطية"، التي أعلن أنها تهدف إلى "الحفاظ على إرث الرئيس محمد مرسي" و"إحياء مبادئ الثورة".

وشغل هلال منصب المدير التنفيذي للمؤسسة، وقاد من خلالها عددًا من الفعاليات في أوروبا وتركيا، أبرزها مؤتمر بعنوان "كانوا رجالًا" عُقد في إسطنبول في مايو 2024، لإحياء الذكرى الثالثة لوفاة مرسي، بحضور عدد من الشخصيات الإخوانية والناشطين الموالين للجماعة.

خطاب الولاء والمظلومية

ظل محمد جمال هلال أحد أكثر الأصوات الإعلامية ولاءً للرئيس المعزول، مستندًا إلى خطاب "الشرعية" و"المظلومية"، وهو الخطاب الذي سعت الجماعة إلى ترسيخه في وجدان أنصارها داخل مصر وخارجها.

كان يظهر دائمًا في برامجه، وخاصة على قناة "الشعوب"، متحدثًا عن مرسي بوصفه "الرمز الشرعي المنتخب"، رافضًا الاعتراف بأي تغيّر سياسي حدث بعد 2013، ومهاجمًا النظام المصري ومؤسساته.

كما استضاف في برامجه عددًا من الشخصيات التي تعتبر من الدائرة المقربة من مرسي، مثل علي القره داغي ومحمد الصغير وعبد الرزاق مقري، لتعزيز الصورة الدعائية التي تربط بين مرسي ومشروع "الديمقراطية الإسلامية"، الذي طالما تبنّته الجماعة في الخارج.

اعتذار وتبرير

أثارت تصريحات منسوبة لمحمد جمال هلال على "فيسبوك" جدلاً واسعاً بعد نشر رواية مخالفة عن موقف الحرس الجمهوري ليلة عزل مرسي، والتي زعمت أن الضباط تعهدوا بحماية الرئيس المعزول شرط عدم إطلاق النار.

وسرعان ما تراجع هلال عن هذه الرواية، قائلاً إن البوست نشر بواسطة أحد مديري صفحته العامة دون علمه، وإنه لم يكتبه شخصياً، مشدداً على التزامه بالرواية الرسمية التي قدمها في برنامجه، وقدم اعتذاراً علنياً عما نُشر.

خلافات داخلية واتهامات بالغلو

في تسجيلات حديثة، أقر محمد جمال هلال بوجود تيار داخل جماعة الإخوان يتبنى أفكاراً متطرفة مشابهة للفكر الشيعي، ويتسم بالغلو والتكفير، مؤكداً أن هذه المجموعة أساءت لصورة الجماعة وأدت إلى تراجع شعبيتها في الشارع المصري.
ووصف هؤلاء بـ"شيعة الإخوان"، منتقداً تمسكهم المبالغ به بمبدأ "الشرعية"، ومهاجمتهم المستمرة لكل من يخالفهم في الرأي.

تصريحاته هذه أحدثت ضجة داخل أوساط الجماعة، حيث انقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض، وكان من أبرز الداعمين له القيادي الإخواني عصام تليمة، الذي أكد بدوره وجود عناصر داخل التنظيم تتبنى فكر الغلو والتقية، مشيراً إلى أن ما قاله هلال يعكس واقعاً داخلياً مسكوتاً عنه لسنوات.

أنشطة مشبوهة في تركيا

في مايو 2024، نظمت مؤسسة "مرسي للديمقراطية"، التي يعد هلال من أبرز أعضائها، مؤتمراً في إسطنبول بعنوان "كانوا رجالاً"، لإحياء ذكرى الرئيس المعزول محمد مرسي. وفي يناير 2025، دعا هلال خلال ندوة أقامها "مركز إنسان للدراسات الإعلامية" إلى "مواجهة إعلام الدولة" وتكثيف الشائعات، معتبراً أن المعركة الإعلامية هي الأداة الأهم في المرحلة القادمة، وهو ما اعتبره مراقبون تحريضاً علنياً على الفوضى وبث الأخبار الكاذبة.