الجمعة 26 سبتمبر 2025 06:46 صـ 3 ربيع آخر 1447 هـ
بوابة بالعربي الإخبارية
المحرر العام محمد رجب سلامة
×

معركة السيطرة على بيانات المستهلك.. البنوك تتفوق على التكنولوجيا في أوروبا

الأحد 21 سبتمبر 2025 09:00 صـ 28 ربيع أول 1447 هـ
شركات التكنولوجيا الأمريكية
شركات التكنولوجيا الأمريكية

في خطوة مفصلية تعكس تحولاً في موازين القوة الرقمية داخل أوروبا، خسرت شركات التكنولوجيا الأمريكية العملاقة — مثل "جوجل" و"ميتا" و"آبل" و"أمازون" — معركة سياسية حاسمة في بروكسل للحصول على حق الوصول إلى سوق البيانات المالية في الاتحاد الأوروبي، رغم الضغوط الأمريكية وتهديدات الرئيس السابق دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية على الدول التي تُميز ضد شركات التكنولوجيا الأمريكية.

وبدعم بارز من ألمانيا، يمضي الاتحاد الأوروبي في تنفيذ إصلاحات تشريعية تهدف إلى تعزيز استقلالية القطاع المالي الأوروبي، من خلال استبعاد "عمالقة التكنولوجيا" من لائحة "الوصول إلى البيانات المالية" (FiDA)، وهي الإطار القانوني الجديد المصمم لتمكين تطوير خدمات مالية رقمية للمستهلكين بطريقة أكثر أمانًا واستقلالًا.

معركة النفوذ على بيانات المستهلكين

تشير مصادر دبلوماسية في الاتحاد الأوروبي إلى أن المفاوضات حول اللائحة تدخل مراحلها النهائية خلال الأسابيع المقبلة، وسط مؤشرات على "هزيمة شبه مؤكدة" لشركات التكنولوجيا، التي لطالما مارست ضغوطًا مكثفة لتأمين موطئ قدم داخل النظام المالي الأوروبي.

وكان الهدف الأساسي من اللائحة هو السماح لمقدمي الخدمات المالية من الجهات الثالثة بالوصول إلى بيانات البنوك وشركات التأمين، بهدف ابتكار خدمات مثل الاستشارات المالية الذكية. لكن البنوك الأوروبية أطلقت حملة مضادة محذّرة من أن وصول شركات التكنولوجيا إلى تلك البيانات قد يمنحها تفوقًا غير عادل، ويهدد العلاقة المباشرة بين البنوك والعملاء.

هذه المخاوف لقيت دعمًا واسعًا من البرلمان الأوروبي والمفوضية الأوروبية، إلى جانب دول رئيسية في الاتحاد مثل ألمانيا، التي رأت أن استبعاد هذه الشركات ضروري لتعزيز السيادة الرقمية وضمان تكافؤ الفرص داخل السوق الأوروبية.

وثيقة ألمانية تحسم الاتجاه

وفقًا لوثيقة سرية اطّلعت عليها "فايننشال تايمز"، اقترحت الحكومة الألمانية بشكل مباشر استبعاد شركات التكنولوجيا الكبرى من النظام الجديد، مشددة على أن الخطوة ضرورية لتطوير قطاع مالي رقمي أوروبي مستقل، وضمان تحكم المستخدمين الأوروبيين في بياناتهم.

ومع سعي الاتحاد الأوروبي والبرلمان للتوصل إلى صيغة نهائية للائحة FiDA بحلول خريف هذا العام، تتصاعد المخاوف من اندلاع توتر جديد بين بروكسل وواشنطن، خاصة بعد توقيع الجانبين اتفاقًا تجاريًا في يوليو الماضي.

ضغوط أمريكية وتحذيرات من "تمييز رقمي"

من جانبها، حذرت مجموعات الضغط التابعة لشركات التكنولوجيا من أن الاستبعاد لن يضر فقط بمصالح الشركات، بل بالمستهلكين الأوروبيين أنفسهم. وقال دانيال فريدلاندر، رئيس فرع جمعية الحاسوب والاتصالات في أوروبا، إن الاتحاد الأوروبي "يتخلى عن الرؤية الأصلية" التي كانت تهدف لمنح الأفراد تحكمًا أكبر في بياناتهم، لصالح البنوك التقليدية التي تسعى إلى الحفاظ على مواقعها الاحتكارية.

كما صرّح كاي جبيللي، من مجموعة "غرفة التقدّم"، بأن البنوك هي "حراس البوابة الحقيقيون" في هذا المجال، محذرًا من أن التمييز ضد شركات التكنولوجيا الأمريكية سيقوّض الابتكار في أوروبا ويؤجج التوترات التجارية عبر الأطلسي.

البنوك في موقع الهجوم

بالنسبة للبنوك الأوروبية، فإن هذه الخطوة تعد انتصارًا مهمًا في معركتها ضد ما تعتبره "تغوّلًا رقميًا" يهدد نماذج أعمالها التقليدية. إذ تخشى المصارف من أن تقوم شركات التكنولوجيا بتحليل بيانات إنفاق وادخار العملاء لتقديم خدمات مالية مخصصة، مما يُضعف دور البنوك كمزوّد رئيسي للثقة والخبرة المالية.