«الصحافة في زمن الذكاء الاصطناعي».. «بوابة بالعربي» تناقش الخبراء حول مستقبل «صاحبة الجلالة»
جمال الشاعر: صناعة الإعلام التقليدية خطأ.. المستقبل في الرقمنة
هويدا مصطفي: النشرات البريدية تصنع علاقة ثقة مع القراء
بين رقمنة الوسائل وتحديات الذكاء الاصطناعي، يمر المشهد الإعلامي بتحولات جذرية تعيد صياغة العلاقة بين المؤسسة والجمهور، وفي هذا السياق، استطلعت «بوابة بالعربي» آراء نخبة من خبراء ومتخصصو الإعلام، الذين استشرفوا مستقبل الاندماج بين الوسائط، وسلطوا الضوء على تصاعد دور "النيوزليتر" كأداة تواصل مباشرة ومستدامة في عصر التدفق المعلوماتي.
يري الإعلامي الدكتور "جمال الشاعر"، أن صناعة الإعلام التقليدية، القائمة على الفصل بين الإذاعة والصحافة والتليفزيون، أصبحت خطأ في العصر الحالي، ولابد من إدراك أننا نعيش في لحظة تكامل وعصر المالتي ميديا حيث تمثل السوشيال ميديا جزءاً لا يتجزأ من المنظومة الإعلامية.
المستقبل في الرقمنة
وأضاف الشاعر، أن المستقبل الإعلامي يقوم على مبدأ الاندماج بين الوسائط الإعلامية المختلفة، متوقعًا ظهور صالة تحرير رقمية مركزية هي المنبع الوحيد الذي سيقوم بتوزيع المحتوى الإخباري بشكل متكامل على كافة المنافذ، سواء كانت الإذاعة، أو الصحافة، أو التليفزيون، أو منصات التواصل الاجتماعي.
وخلال الحديث عن رؤيته لمستقبل المؤسسات الإعلامية، أشار الشاعر، إلى أن فكرة الكيان المنفصل مثل الصحيفة، ومحطة التليفزيون، والقناة التلفزيونية سوف تُلغى، لتتحول المؤسسات الإعلامية بأكملها إلى مجرد منصات.

النيوز ليترز خدمة جيدة
وفي سياق الحديث عن التطوير التكنولوجي، تناول الشاعر ظاهرة النيوزليتر (النشرة الإخبارية)، معتبراً إياها نوعاً من أنواع التطوير للإعلام التقليدي، قائلاً أنها خدمة "كويسة"، موضحًا أن ميزة النيوز ليترز تكمن في سرعتها وتقديمها "خلاصة الخبر" أو"العواجل"، مما يسمح للمتصفح العادي الذي لا يتابع أخباراً معينة بتلقي أهمها بشكل مباشر عبر رسالة.
غيبوبة اللغة القديمة في عصر الذكاء الاصطناعي
نبه الإعلامي جمال الشاعر إلى أننا نعيش «في غيبوبة» إذا لم ندرك أن المستقبل كله يكمن في الرقمنة والذكاء الاصطناعي، قائلاً «عصر الذكاء الاصطناعي، ماينفعش انك تتكلم بلغة قديمة، الذكاء الاصطناعي خلاص بيعطيك كل المعلومات في نفس الثانية».
وشدد على أن المحتوى في هذا العصر يجب أن يتسم بالجذابية والمنافسة، وأن يكون مناسب للتصفح علي السوشيال و المنصات، معتبراً أن العناوين البارزة (المانشيتات) تظل عنصراً هاماً في هذا السياق.
ويري أن كافة الوسائط الإعلامية سوف ترقمن نفسها لمواكبة التطور التكنولوجي المذهل، خاصة مع التوقع بانتشار التطور التكنولوجي، والإنترنت فائق السرعة بطريقة غير عادية.
رأي «الشاعر» في اشتراكات النشرات الإخبارية
وفيما يتعلق بالاشتراك المالي لخدمة النيوز ليترز، طرح الشاعر، تحدياً جوهرياً حول الاشتراك المدفوع في النيوز ليترز أو المحتوى الرقمي، واعتبر أن الجمهور لن يدفع اشتراكاً إلا إذا كانت الخدمة مختلفة ومتميزة جداً، في ظل سعي المواطنين في كل مكان بالعالم للحصول على التطبيقات المجانية.
ومن جهتها قالت الدكتورة "هويدا مصطفي" العميد الأسبق لكلية الإعلام بجامعة القاهرة، إن النشرات الإخبارية البريدية (النيوزليتر) أصبحت من أدوات التواصل الحديثة والفاعلة التي تعتمد عليها المؤسسات الإعلامية لضمان الوصول المباشر إلى الجمهور وبناء علاقة مستمرة وقوية معه.

الوصول المباشر والثقة التفاعلية
أضافت مصطفي، أن الميزة الأبرز للنيوزليترز تكمن في قدرتها على ضمان وصول رسالة المؤسسة مباشرة إلى صندوق البريد الإلكتروني للمتلقي، ما يُعزز من علاقة الثقة والتفاعل مع القراء.
وفي هذا السياق، أشارت العميد الأسبق لكلية الإعلام بجامعة القاهرة، إلى الأبعاد الاقتصادية والتقنية الهامة لهذه الأداة، أبرزها؛ زيادة حركة المرور، حيث تُسهم النشرات في توجيه حركة المرور بشكل مباشر إلى موقع المؤسسة الإلكتروني، مما يساعد في رفع ترتيب الموقع على محركات البحث (SEO).
أردفت مصطفي، أن النيوزليترز تعد مصدر دخل إضافي يمكن استثماره من خلال بيع مساحات إعلانية داخل الرسائل البريدية، أو الترويج لخدمات وتقارير متخصصة أو مدفوعة، بالإضافة إلى أن النشرة توفر منصة مثالية لتقديم محتوى متخصص وعميق، مثل النشرات الاقتصادية المفصلة أو التحليلات السياسية المعمقة.
نماذج عالمية وعربية ناجحة
ولإثبات نجاح هذه الأداة، استعرضت العميد الأسبق لإعلام القاهرة نماذج عالمية متميزة في هذا المجال، مثل نيويورك تايمز نيوز ليترز، و أكسيوس نيوز ليترز التي تركز على التكنولوجيا والسياسة.
أما على الصعيد العربي، أشارت مصطفى، إلى نموذجين بارزين، هما بيان برس: لنشرات سياسية، واقتصادية موجزة ومقدمة بأسلوب مبسط، مبادرة ومضة: الموجهة خصيصاً لريادة الأعمال والاقتصاد الرقمي.
النشرة البريدية خدمة إخبارية منظمة
ومن جانبه أوضح الكاتب الصحفي" أحمد عاطف " مدير تحرير جريدة الدستور،ماهية النيوزليتر، قائلاً" هي خدمة إخبارية تصل عبر البريد الإلكتروني، مثل المحتوى الذي يرسل عبر واتساب أو فيسبوك أو الموقع الإلكتروني نفسه، ولكنها أكثر نظامًا ودقة في التوقيت والمواعيد المحددة، مما يوفر الوقت والجهد على متلقيها، بمعنى أنها خدمة إخبارية تصل في وقت محدد ويتم اختيار موضوعاتها بعناية شديدة، سواء كانت متخصصة أو عامة".

مضيفًا أنها ظهرت منذ زمن بعيد في العديد من المؤسسات، وبدأت كـ نشرة بريدية غير منفصلة، حيث كانت المؤسسات الصحفية هي التي أنشأتها لإرسال خدماتها الإخبارية للمشتركين، خاصة في مجال البيزنس والاقتصاد، يمكن القول إن هذا هو أحد أسس ظهورها.
وخلال الحديث مع عاطف عن "رادار نيوزليتر"، قائلاً: إنها نشرة بريدية أنشأناها خصيصاً لـ مساعدة الصحفيين في الحصول على أدوات التحقق من المعلومات، نشر قصص في مجال التحقق من المعلومات (قصص متنوعة في الاقتصاد، الرياضة، الفن، الثقافة)،.. هدفنا هو توفير المحتوى الذي يساعد الصحفيين، والمدونين، والكُتاب، وصناع المحتوى على استخدام الأدوات وفهم التكنيكات الخاصة بالتحقق، حتى عن طريق الأفلام والملاحظات الخاصة بها.
بينما أكد الكاتب الصحفي "رضا الفقي"، أن النشرة الإخبارية لم تعد مجرد أداة تسويقية، بل أصبحت منتجاً إعلاميًا مستدامًا يقود طفرات نوعية في معدلات المشاهدة والتفاعل، معتبراً إياها بفلتر الأخبار فهي تختار بعناية مايهم القارئ لتقدم له خدمة سريعة وهادفة.
أوضح الفقي، أن النشرة الإخبارية (النيوزليتر) تمثل "عقد وكالة" بين المؤسسة الإعلامية والجمهور، حيث تلتزم بتعريف القارئ بما يدور حوله، مشيراً إلى أن الإنسان بفطرته يبحث عن الجديد كل يوم.
منتج إعلامي مستدام
ووصف الفقي، النشرة الإخبارية بأنها «منتج إعلامي مستدام يحقق طفرات في مشاهدات المواقع، معتبراً إياها بمثابة بانوراما لما يحدث على الموقع، مؤكدًا على أن النشرة المتخصصة أفضل بكثير من النشرة العامة، لأنها تضمن التخصص وتوفر معلومة مدروسة والخبر يقيني.

الفقي يفسر سر تفضيله للمحتوى المكتوب على المرئي
أشار الفقي، إلى تفضيله الشخصي للمحتوى المقروء كمصدر أساسي لثقافته، قائلاً: "أنا شخصياً أتصفح كافة المنصات ودائماً أكون ثقافتي من المقروء، لا أكتفي بالمعلومات المرئية أو المسموعة، مؤكداً أن أصحاب التخصص هم الجمهور الأصلي للنيوزليتر.












