التاكسي الطائر في مصر.. رؤية جديدة لمستقبل النقل الفاخر والسياحة الذكية

في خطوة أراها من أبرز مبادرات النقل الجوي في الشرق الأوسط، أعلنت شركة أبوظبي للطيران بالتعاون مع القوات الجوية المصرية عن إطلاق مشروع "التاكسي الطائر في مصر" — وهو مشروع طموح يهدف إلى تغيير مفهوم التنقل الداخلي في البلاد، وتحويله من تجربة مرهقة على الطرق إلى رحلة فاخرة في السماء.
إن مشروع الـAir Taxi في مصر ليس مجرد وسيلة نقل جديدة، بل هو رمز لعصر جديد من الحداثة والابتكار يعيد تعريف مفهوم الرفاهية في السفر، ويمنح مصر موقعًا رياديًا بين الدول التي تتبنى النقل الجوي الذكي.
فكرة المشروع
يرتكز مشروع التاكسي الطائر على إنشاء شبكة نقل جوي داخلية تربط القاهرة بأهم المدن والمناطق السياحية مثل الساحل الشمالي، واحة سيوة، شرم الشيخ، والأقصر، من خلال رحلات قصيرة المدى تُنفذ بطائرات عمودية (هليكوبتر) أو مركبات جوية ذكية (VTOL).
تتيح هذه الخدمة للمسافرين التنقل بين القاهرة والساحل في أقل من ساعة، أو الوصول إلى سيوة في 90 دقيقة بدلًا من 10 ساعات برًّا، ما يجعلها تجربة فريدة تجمع بين السرعة، الفخامة، والأمان.
البعد الاستراتيجي
من وجهة نظري، لا يقتصر المشروع على الجانب التكنولوجي أو الترفيهي فحسب، بل يُعد خطوة استراتيجية تتماشى مع رؤية مصر 2030 التي تدعم التحول إلى مدن ذكية وبنية تحتية مستدامة. كما يعكس المشروع التعاون المتين بين القطاعين المدني والعسكري في تقديم حلول نقل مبتكرة، وهو ما يمنح Air Taxi Egypt ثقة تشغيلية عالية ومصداقية دولية.
الفئات المستهدفة
أرى أن المشروع يستهدف عدة شرائح من المجتمع، أبرزها رجال الأعمال والمستثمرون الراغبون في التنقل السريع بين العاصمة الإدارية والمناطق الاستثمارية، إلى جانب السياح الفاخرين الباحثين عن تجارب استثنائية ومناظر جوية مذهلة، والجهات الحكومية والدبلوماسية التي تحتاج إلى رحلات رسمية آمنة وسريعة، بالإضافة إلى الأثرياء المحليين الذين يفضلون الخصوصية والراحة في تنقلاتهم.
الميزة التنافسية
ما يميز Air Taxi Egypt عن أي مشروع نقل آخر أنه أول مشروع طيران حضري فاخر في المنطقة يجمع بين الدعم الحكومي والعسكري، ووجود نظام حجز إلكتروني ذكي عبر تطبيق يشبه Uber Air، فضلًا عن تجربة فندقية في السماء تشمل ضيافة فاخرة وخدمة عملاء عالية المستوى، مع خطة مستقبلية لاستخدام طائرات كهربائية eVTOL صديقة للبيئة.
الجانب الاقتصادي
تُقدر التكلفة المبدئية للمشروع بحوالي 55 مليون دولار تشمل الأسطول والمهابط الجوية وتطوير المنصة الرقمية.
وأتوقع أن تصل الإيرادات خلال أول ثلاث سنوات إلى أكثر من 23 مليون دولار مع نسبة عائد على الاستثمار تتراوح بين 18 إلى 22%، مع إمكانية نمو الإيرادات إلى 55 مليون دولار بحلول عام 2030.
إلى جانب العائد المالي، سيساهم المشروع في خلق عشرات الوظائف الجديدة للمهندسين والطيارين وخبراء التسويق، مما سينعكس إيجابًا على الاقتصاد المصري والسياحة الوطنية.
الخطة التسويقية: "مصر من السماء"
أقترح أن تتبنى الشركة حملة تسويقية جريئة بعنوان "Egypt From The Sky"، تعتمد على المحتوى المرئي الجوي والمشاهد الخلابة من فوق الأهرامات والبحر الأحمر.
تشمل الخطة إطلاقًا إعلاميًا كبيرًا في مطار ألماظة بحضور الصحافة والإعلام العالمي، إلى جانب إعلانات رقمية موجهة للسياح في الخليج وأوروبا عبر Google وInstagram.
كما أرى أهمية الشراكات مع الفنادق الفاخرة مثل Ritz-Carlton وFour Seasons لتقديم عروض “طيران + إقامة”، والمشاركة في المهرجانات السياحية الكبرى مثل مهرجان الجونة ومهرجان الأقصر السينمائي.
الاستدامة والابتكار
يهدف المشروع — من وجهة نظري — إلى المساهمة في تحقيق أهداف COP27 المناخية من خلال اعتماد طائرات صديقة للبيئة وتقنيات ذكية تقلل من استهلاك الوقود والانبعاثات.
وبحلول عام 2028، يمكن أن تعتمد Air Taxi Egypt أسطولًا من الطائرات الكهربائية eVTOL لتصبح ضمن رواد النقل الجوي المستدام في المنطقة.
التوصيات والتطلعات المستقبلية
لضمان نجاح المشروع واستدامته، أوصي بأن يتم الإطلاق التدريجي من القاهرة نحو الساحل ثم المدن السياحية، مع بناء شراكات طويلة المدى مع هيئة الطيران المدني ووزارة السياحة. كما أرى ضرورة تسويق المشروع عالميًا كأيقونة جديدة للسياحة الفاخرة في مصر، وتدريب كوادر مصرية شابة في إدارة النقل الجوي الذكي، إضافة إلى جذب استثمارات خليجية وأجنبية لدعم التوسع الإقليمي.
مبدأ التسعير الذكي (Smart Pricing) – رؤيتي الشخصية
أؤمن بأن نجاح المشروع يعتمد على تطبيق نظام تسعير ذكي يقوم على ثلاثة عناصر رئيسية: تكلفة التشغيل لكل رحلة (الوقود، الصيانة، الطيارين، الرسوم)، قيمة التجربة المقدمة باعتبارها فاخرة وسريعة ومريحة، وقدرة السوق على الدفع لضمان أسعار عادلة ومشجعة على الاستخدام المتكرر.
وبناءً على ذلك، أرى أن أسعار الرحلات القصيرة داخل القاهرة والمناطق القريبة يجب أن تتراوح بين 100 و180 دولارًا، مثل: القاهرة – الأهرامات (120 دولارًا)، القاهرة – القلعة (150 دولارًا)، ألماظة – الشيخ زايد (180 دولارًا)، وألماظة – العاصمة الإدارية (160 دولارًا). الهدف من هذه الأسعار هو جعل الخدمة متكررة الاستخدام، وليست حكرًا على فئة محدودة.
أما الرحلات بين المدن السياحية، فأقترح أن تبدأ الأسعار من 700 دولار بين القاهرة والساحل الشمالي، و900 دولار إلى سيوة، و850 دولارًا بين الغردقة والأقصر، و500 دولار من شرم الشيخ إلى سانت كاترين. بهذا الشكل تصبح الخدمة ضمن فئة "Luxury Affordable" — أي فاخرة ولكن معقولة مقارنة بالرحلات الخاصة.
أما الرحلات الخاصة (Charter)، فأقدر أن تتراوح تكلفة حجز الطائرة بالكامل (4–6 ركاب) بين 2,500 و3,500 دولار للساعة الواحدة، بينما تتراوح الرحلات المخصصة مثل حفلات الزفاف أو جولات الـVIP بين 4,000 و5,000 دولار، مع إمكانية إضافة خدمات مثل الضيافة الراقية واستقبال VIP والنقل الفاخر قبل وبعد الرحلة.
نموذج الإيرادات الجديد 2025
وفق رؤيتي التقديرية، يمكن أن يصل إجمالي الإيرادات الشهرية إلى نحو 440 ألف دولار، موزعة على 90 ألف دولار من الرحلات القصيرة، و200 ألف دولار من الرحلات بين المدن، و150 ألف دولار من الرحلات الخاصة، ليصل الإجمالي السنوي إلى حوالي 5.3 مليون دولار. ومع توسّع الأسطول وزيادة الوجهات، أتوقع أن تتضاعف الإيرادات خلال عامين فقط.
التوصيات المالية
أوصي باعتماد نظام تسعير ديناميكي يتغير حسب الموسم والطلب وعدد المقاعد، مع إطلاق باقات ترويجية مثل “Fly & Stay” بالتعاون مع الفنادق الفاخرة، و“Weekend Package” لرحلات القاهرة – الساحل – العودة في نفس اليوم. كما أقترح تقديم خصومات للشركات والمؤسسات بنسبة 10 إلى 20%، وإطلاق برنامج ولاء “SkyMiles Egypt” لتشجيع الاستخدام المتكرر، إلى جانب تفعيل خيار الرحلات المشتركة (Shared Flight) بأسعار أقل لكل مقعد.
النتيجة النهائية
في رؤيتي، فإن تعديل الأسعار بهذا الشكل سيجعل المشروع مربحًا ومستدامًا، وقادرًا على جذب فئات أوسع من المستخدمين سواء من قطاع الأعمال أو السياحة، مع تحقيق توازن حقيقي بين الفخامة والقدرة الشرائية، بما يتناسب مع مستوى المعيشة في مصر والمنطقة العربية.