الإنتاج الذكي وثورة الصناعة الرابعة محور المرحلة المقبلة في عُمان
تشهد سلطنة عُمان تحولًا صناعيًا متسارعًا بات أحد الركائز الأساسية لرؤيتها الاقتصادية طويلة المدى، حيث نجحت في ترسيخ قطاع التصنيع كمحرك رئيسي للنمو والتنويع الاقتصادي، مدعومًا بإصلاحات تشريعية، وتوسع في المشروعات الكبرى، وزخم استثماري متزايد يعزز حضورها على الساحة الاقتصادية الإقليمية والدولية.
مشروعات استراتيجية ترسم ملامح النهضة الصناعية
تجلّت ملامح هذا التحول من خلال تدشين وافتتاح مجموعة من المشروعات الصناعية الكبرى ذات الأثر الاستراتيجي، من أبرزها مصنع «كروة للسيارات» في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، ومصنع «سانفيرا للكربون» بمحافظة ظفار، إلى جانب مصفاة الدقم ومجمع لوى للصناعات البلاستيكية.
كما شهد القطاع الانتهاء من إنشاء مصنع «يونايتد سولار» لإنتاج البولي سيليكون، في خطوة تستهدف توطين سلاسل التوريد المرتبطة بصناعة الألواح الشمسية، ودعم التحول نحو الطاقة النظيفة.
الأمن الدوائي وتوطين الصناعات الحيوية
على صعيد الصناعات الدوائية، تم تدشين مصانع «فليكس» و«ظفار» و«ميناجين»، ضمن توجه واضح لتعزيز الأمن الدوائي الوطني.
وأسهمت هذه المشروعات في رفع الناتج الصناعي، ونقل التكنولوجيا المتقدمة، وتوطين سلاسل الإمداد، فضلًا عن استقطاب وتأهيل الكوادر الوطنية.
مؤشرات نمو قوية تعكس عمق التحول
عكست المؤشرات الاقتصادية حجم التطور الذي شهده القطاع الصناعي العُماني، حيث سجل الناتج الصناعي نموًا سنويًا بلغ 7 في المئة، فيما تجاوزت الصادرات الصناعية بنهاية عام 2024 نحو 7 مليارات ريال عُماني.
كما بلغ حجم الاستثمارات الصناعية الأجنبية المباشرة نحو 2.8 مليار ريال عُماني، وارتفع عدد العُمانيين العاملين في القطاع الصناعي إلى أكثر من 57 ألف موظف، ما يعكس دور القطاع في دعم سوق العمل.
إشادة دولية بالمسار الصناعي العُماني
حظي الحراك الصناعي في سلطنة عُمان بتقدير دولي واسع، حيث أشادت منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية «يونيدو» بتجربة السلطنة، ووصفتها بأنها من الدول الصاعدة صناعيًا، مع الإشارة إلى تسارع نمو الصناعات عالية التقنية وبناء سلاسل قيمة متقدمة.
وأكدت المنظمة أن الاستراتيجية الصناعية 2040 تمثل نموذجًا متقدمًا في توظيف الابتكار وتوطين التكنولوجيا وتعزيز القدرة التنافسية.
توجه نحو الإنتاج الذكي وتقنيات الثورة الصناعية الرابعة
أكد الدكتور صالح بن سعيد مسن، وكيل وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، أن المرحلة المقبلة، بالتزامن مع انطلاق الخطة الخمسية الحادية عشرة، ستركز على تبني مفاهيم «الإنتاج الذكي» وتقنيات الثورة الصناعية الرابعة، بما يضمن استدامة الريادة الصناعية وتحويل القطاع إلى رافد رئيسي للتنويع الاقتصادي.
أدوات تنظيمية وبرامج تمكينية جديدة
من جانبه، أوضح مدير عام الصناعة بالوزارة تسجيل نمو قياسي في طلبات التراخيص الصناعية، مدعومًا ببرامج تمكينية مثل «إتقان» ومبادرة «مصانع الإنتاج الذكي».
وأشار إلى تفعيل أدوات حديثة، من بينها «المرصد الصناعي» ومنصة «تصنيع»، الهادفتين إلى تنظيم مشتريات القطاع الصناعي وتعزيز المحتوى المحلي.
الصناعات التحويلية تعزز القيمة المضافة
في قطاع الصناعات التحويلية، أكد الرئيس التنفيذي لشركة «صحار ألمنيوم» نجاح الشركة في بناء قاعدة قوية لصناعات الشق السفلي، عبر استقطاب استثمارات نوعية ورفع نسب التعمين إلى مستويات قياسية، ما أسهم في زيادة القيمة المحلية المضافة للاقتصاد الوطني.
قطاع الألمنيوم مسيرة نمو متصاعدة
بدوره، أوضح الرئيس التنفيذي للشركة العُمانية لدرفلة الألمنيوم أن السنوات الخمس الماضية مثّلت نقطة تحول مفصلية في مسيرة القطاع الصناعي العُماني، وشهدت إنجازات ملموسة دعمت مكانة السلطنة كمركز صناعي واعد إقليميًا.
وأشار إلى أن الدعم الحكومي والسياسات المحفزة أسهما في تحقيق نمو متسارع في إنتاج وصادرات الألمنيوم، إلى جانب التوسع في القدرات التشغيلية والبنية الأساسية.
استثمارات طويلة الأجل في الصناعات الثقيلة
وأكد الرئيس التنفيذي لشركة «فالي عُمان» أن السلطنة توفر بيئة جاذبة للاستثمارات الصناعية طويلة الأجل، مدعومة بمقومات واضحة تشمل البنية الأساسية المتطورة والاستقرار التشريعي.
وأشار إلى التزام الشركة بالاستثمار السنوي في تطوير قدرات صناعية متقدمة تخدم أسواق الصلب العالمية، إلى جانب خطط لتوسيع عملياتها بما يتماشى مع رؤيتها للنمو المستدام.












