الأربعاء 31 ديسمبر 2025 02:52 مـ 11 رجب 1447 هـ
بوابة بالعربي الإخبارية
المحرر العام محمد رجب سلامة
×

النفط يواصل التراجع مع نهاية 2025 وسط ضغوط المعروض وتقلبات الجغرافيا السياسية

الأربعاء 31 ديسمبر 2025 08:59 صـ 11 رجب 1447 هـ
أسعار النفط اليوم
أسعار النفط اليوم

واصلت أسعار النفط انخفاضها خلال تعاملات اليوم الأربعاء 31 ديسمبر (2025)، لتسجل خسائرها للجلسة الثانية على التوالي، في وقت يقيّم فيه المستثمرون التطورات الجيوسياسية العالمية وتأثيرها في أسواق الطاقة.

وتشير التوقعات إلى أن أسعار الخام تتجه لتسجيل تراجع يتجاوز 15% بحلول نهاية عام 2025، في ظل تفوق المعروض على الطلب خلال عام اتسم بتصاعد الحروب، وارتفاع الرسوم الجمركية، إلى جانب استمرار العقوبات المفروضة على روسيا وإيران وفنزويلا.

وبرز تحالف أوبك+ بوصفه عاملًا محوريًا في مشهد أسواق النفط خلال 2025، إذ حرص، وفق تأكيداته المتكررة، على الحفاظ على توازن السوق. وفي هذا الإطار، أنهت مجموعة الدول الثماني تخفيضاتها الطوعية الإضافية البالغة 2.2 مليون برميل يوميًا، خلال الفترة الممتدة من أبريل إلى سبتمبر 2025، أي قبل عام كامل من الموعد المقرر سابقًا.

وعقب ذلك، بدأت الدول الثماني (السعودية، وروسيا، والعراق، والإمارات، والكويت، وقازاخستان، والجزائر، وسلطنة عمان) تنفيذ خطوة جديدة للتخلص من تخفيضات طوعية أخرى بنحو 1.65 مليون برميل يوميًا اعتبارًا من أكتوبر، غير أنها قررت تعليق هذه الخطوة مؤقتًا خلال الربع الأول من عام 2026، على خلفية التغيرات الموسمية في الطلب.

وكانت أسعار النفط قد أنهت تعاملات يوم أمس الثلاثاء 30 ديسمبر على تراجع، متخلية عن جزء من المكاسب التي سجلتها في الجلسة السابقة، مع استمرار حالة الحذر التي تفرضها المستجدات الجيوسياسية.

أسعار النفط اليوم

بحلول الساعة 06:27 صباحًا بتوقيت غرينتش (09:27 صباحًا بتوقيت مكة المكرمة)، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت القياسي تسليم مارس 2026 بنسبة 0.11% لتستقر عند 61.26 دولارًا للبرميل.

كما تراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي تسليم فبراير 2026 بنسبة 0.14% لتصل إلى 57.89 دولارًا للبرميل، وفق البيانات اللحظية التي تتابعها منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن).

وسجلت العقود الآجلة لخام برنت انخفاضًا سنويًا يقارب 18%، في أكبر تراجع سنوي منذ عام 2020، كما تتجه لتسجيل خسائر للعام الثالث على التوالي، وهي أطول سلسلة تراجعات في تاريخها.

وفي السياق نفسه، يتجه خام غرب تكساس الوسيط الأميركي إلى تسجيل انخفاض سنوي بنحو 19%، فيما تُظهر البيانات أن متوسط أسعار عام 2025 لكلا المعيارين هو الأدنى منذ عام 2020.

ويوازن المتعاملون في السوق بين المخاطر الجيوسياسية من جهة، وتوقعات وفرة الإمدادات في مطلع عام 2026 من جهة أخرى، وهو ما يجعل أسعار النفط شديدة الحساسية لأي اضطرابات محتملة قد تطول أمدها.

تحليل أسعار النفط

رجّحت مؤسسة “فاندا إنسايتس” المتخصصة في أسواق الطاقة، على لسان محللتها فاندانا هاري، أن يفوق نمو المعروض العالمي من النفط خلال عام 2026 الزيادة المحدودة المتوقعة في الطلب، ما قد يؤدي إلى تراكم معتدل في مستويات المخزون.

وقالت هاري، في تصريحات لمنصة الطاقة المتخصصة، إن التوقعات تشير إلى فائض يتراوح بين مليون ومليون ونصف المليون برميل يوميًا، مع متوسط سنوي لسعر خام برنت يتراوح بين 60 و64 دولارًا للبرميل.

وأوضحت أن الخطر الرئيس الذي قد يغيّر هذه التقديرات يتمثل في احتمال حدوث انخفاض حاد في الأسعار، الأمر الذي قد يؤدي إلى تباطؤ نمو المعروض من خارج الدول المشاركة في “إعلان التعاون”، مقارنة بالتوقعات الراهنة. كما أشارت إلى احتمال أن تمدد الدول الثماني في تحالف أوبك+ تعليقها للتخلص مما تبقى من التخفيضات البالغة نحو 1.2 مليون برميل يوميًا، إلى جانب استمرار الصين في عمليات الشراء المكثفة بغرض التخزين.

وأكدت هاري أن العوامل الجيوسياسية ستظل المصدر الأكبر لعدم اليقين خلال العام الجديد، ولا سيما في ما يتعلق بأوكرانيا وفنزويلا وإيران، حيث يمثل حجم علاوة المخاطر ومدى استمرارها عنصر الغموض الأبرز في السوق.

توقعات أسعار النفط

من جهته، توقع محلل السلع في بنك “بي إن بي باريبا”، جيسون يينغ، أن يتراجع سعر خام برنت إلى حدود 55 دولارًا للبرميل خلال الربع الأول من عام 2026، قبل أن يعاود الارتفاع إلى مستوى 60 دولارًا للبرميل خلال بقية العام، مع عودة نمو المعروض إلى وتيرته الطبيعية واستقرار الطلب.

وأوضح يينغ أن النظرة المتشائمة على المدى القريب تعود إلى اعتقاد البنك بأن منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة نجحوا في التحوط عند مستويات سعرية مرتفعة.

وأضاف أن هذا الأمر يجعل إمدادات النفط الصخري أكثر استقرارًا وأقل تأثرًا بتقلبات الأسعار في المرحلة المقبلة.

وشهدت أسواق النفط انطلاقة قوية مطلع عام 2025، بعد أن فرض الرئيس الأميركي السابق جو بايدن عقوبات أشد على روسيا في نهاية ولايته، ما أدى إلى تعطّل الإمدادات المتجهة إلى كبار المستوردين، وعلى رأسهم الصين والهند.

وتصاعدت حدة الحرب في أوكرانيا مع استهداف الطائرات الأوكرانية المسيّرة للبنية التحتية للطاقة الروسية، الأمر الذي أثر أيضًا في صادرات النفط القازاخستانية. كما ساهم الصراع الإيراني الإسرائيلي، الذي استمر 12 يومًا في يونيو، في تهديد حركة الملاحة عبر مضيق هرمز، أحد أهم الممرات الحيوية لتدفقات النفط عالميًا، ما دفع الأسعار إلى الارتفاع مؤقتًا.

غير أن هذا المسار الصاعد لم يدم طويلًا، إذ عادت الأسعار إلى التراجع مع تسريع تحالف أوبك+ وتيرة زيادة الإنتاج خلال العام، بالتزامن مع تنامي المخاوف بشأن تأثير الرسوم الجمركية الأميركية في النمو الاقتصادي العالمي ومستويات الطلب على الوقود.

ويتوقع غالبية المحللين أن يفوق العرض الطلب خلال العام المقبل، مع تقديرات تتراوح بين 3.84 مليون برميل يوميًا بحسب وكالة الطاقة الدولية، ونحو مليوني برميل يوميًا وفق تقديرات بنك غولدمان ساكس.

وفي هذا السياق، قال إستراتيجي النفط العالمي في مورغان ستانلي، مارتين راتس، إن انخفاض الأسعار بشكل حاد قد يدفع تحالف أوبك+ إلى تنفيذ تخفيضات جديدة في الإنتاج، إلا أنه أشار في الوقت ذاته إلى احتمال تراجع الأسعار أكثر، وربما وصولها إلى مستوى يقارب 50 دولارًا للبرميل.

وأضاف راتس أنه في حال استقرار الأسعار عند المستويات الحالية، فمن المرجح أن تستأنف دول أوبك+ التراجع عن التخفيضات بعد انتهاء فترة التوقف المؤقت في الربع الأول من العام المقبل.