موضوع خطبة الجمعة اليوم.. ”حب التناهى شطط - خير الأمور الوسط”

أعلنت وزارة الأوقاف عن موضوع خطبة الجمعة، والتي سيتم توحيدها في كافة المساجد بمحافظات الجمهورية تحت عنوان: "حب التناهي شطط.. وخير الأمور الوسط".
وتأتي هذه الخطبة في إطار خطة الوزارة لنشر مفاهيم الوسطية والاعتدال، وتعزيز الوعي الديني الصحيح في مواجهة مظاهر الغلو والانغلاق الفكري.
وأكدت الوزارة في بيان رسمي أن خطبة الجمعة تهدف إلى ترسيخ قيم التوازن في الفكر والسلوك، والتأكيد على أن الاعتدال هو الطريق الأمثل لتحقيق الاستقرار المجتمعي والنفسي. وشددت الوزارة على أن الوسطية ليست خيارًا تكتيكيًا بل هي جوهر الدين ومنهجه، وهو ما تؤكده النصوص القرآنية والسنة النبوية.
مضمون الخطبة الأولى: الدين بين اليسر والغلو
جاء في مضمون الخطبة أن الإسلام، في روحه ومقاصده، دين يقوم على اليسر والتيسير، ويرفض التشدد والتطرف، إذ لا يرضى بأن يُثقل الإنسان كاهله بما لا يطيق، أو أن يحيد عن الفطرة التي فُطر الناس عليها. واستشهدت الخطبة بقوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا}، لتوضح أن الاعتدال ليس فقط سمة دينية بل تكليف إلهي ومبدأ قرآني أصيل.
وتناولت الخطبة ظاهرة الإفراط والتفريط، من خلال استعراض نماذج لمن بالغوا في العبادة حتى أرهقوا أنفسهم، أو زهدوا عن ضروريات الحياة بزعم التقوى، مؤكدة أن كل هذه المظاهر تخالف الهدي النبوي، الذي بيّن أن أعظم القربات إلى الله تقوم على الاستمرار والتوازن دون غلو. وساق النبي صلى الله عليه وسلم مثلا في قوله: "إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني".
كما دعت الخطبة إلى نبذ التشدد الذي يؤدي إلى تنفير الناس من الدين، ورفض فرض أنماط موحدة من التدين أو العبادة على الآخرين، مؤكدة على أهمية التيسير، ومراعاة أحوال الناس وظروفهم، والتعامل مع الشريعة بروحها السمحة، لا بمظاهرها الجامدة.
الخطبة الثانية: ذوو الهمم في عيون الإسلام
وفي الخطبة الثانية، التي ستُلقى في جميع المحافظات باستثناء محافظة واحدة، تناولت وزارة الأوقاف قضية ذوي الهمم، مؤكدة أن الاهتمام بهذه الفئة واجب ديني ووطني وإنساني، ومظهر من مظاهر الرحمة التي دعا إليها الإسلام.
وتضمنت الخطبة تأكيدًا على أن الإسلام رفع عن ذوي الاحتياجات الخاصة المشقة والحرج، واستشهدت بقول الله تعالى: {ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج}، مبينة أن الشريعة الإسلامية أرست مجموعة من الأحكام التيسيرية التي تحفظ كرامتهم وتراعي خصوصياتهم.
ودعت الخطبة إلى تمكين ذوي الهمم في مختلف مجالات الحياة، واستثمار طاقاتهم ومواهبهم في خدمة المجتمع، مشيرة إلى الحديث الشريف: "وهل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم؟"، والذي يُبرز الدور المحوري لهذه الفئة في تحقيق البركة والنصر.
خطبة خاصة في محافظة واحدة: خطر المخدرات
أما في محافظة واحدة فقط، فقد تقرر تخصيص الخطبة الثانية لموضوع بالغ الأهمية يتناول خطر المخدرات على الفرد والمجتمع، في ظل تصاعد هذه الظاهرة وتداعياتها المدمرة.
وحذرت الخطبة من التأثير الكارثي للمخدرات على الصحة العقلية والبدنية، وعلى الأمن المجتمعي، معتبرة أن تعاطي المخدرات لا يؤدي فقط إلى تدمير حياة المتعاطي، بل يهدد أمن الأسرة ويقوض دعائم المجتمع. واستشهدت الخطبة بقول الله تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}، لتؤكد أن التعاطي هو صورة من صور إلقاء النفس إلى الهلاك.
كما خاطبت الخطبة المدمنين بشكل مباشر، داعية إياهم إلى التوبة والرجوع إلى الله، والتشبث بالأمل، مؤكدة أن الشريعة الإسلامية تمنح الإنسان دائمًا فرصة جديدة، وأن باب الرحمة والمغفرة مفتوح لكل من يعود صادقًا. وساقت في ذلك قوله تعالى: {ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما}.
توجه تربوي متكامل
وتأتي هذه الخطب ضمن توجه متكامل تتبناه وزارة الأوقاف لترسيخ الفكر الوسطي، والتصدي لكل مظاهر الانحراف السلوكي والفكري، سواء تمثل ذلك في التشدد الديني، أو في الانزلاق نحو الانحرافات الأخلاقية والاجتماعية كالمخدرات، إلى جانب دعم الفئات المجتمعية ذات الاحتياجات الخاصة باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من النسيج الوطني.
وأكدت الوزارة أنها مستمرة في تحديث موضوعات الخطبة بما يواكب المستجدات المجتمعية، ويرسخ لقيم الوعي والانتماء والرحمة، في إطار المنهج الأزهري الوسطي الرصين.