القارة القطبية الجنوبية تفقد توازنها.. والعالم في خطر

في أقصى جنوب الكرة الأرضية، حيث يبدو كل شيء بعيداً عن الحضارة، يتشكل تهديد جليدي عالمي يُنذر بعواقب وخيمة على المدن الساحلية، من نيويورك إلى سيدني. إنه نهر "ثويتس" الجليدي في غرب القارة القطبية الجنوبية، الذي يُعرف علمياً بلقب مثير للذعر: "نهر نهاية العالم".
هذا النهر الجليدي العملاق، الذي يضاهي حجمه مساحة المملكة المتحدة، يذوب بوتيرة مقلقة، ما يجعله أحد أكثر الكتل الجليدية هشاشة على كوكب الأرض.
ويخشى العلماء من أن يؤدي انهياره الكامل إلى ارتفاع مستوى سطح البحر العالمي بمقدار 65 سنتيمتراً على الأقل، وهو كافٍ لإغراق مناطق شاسعة في مدن كبرى حول العالم، وفقاً لتحذيرات فريق بحثي دولي يراقب النهر عن كثب.
خطر يبعد آلاف الكيلومترات.. لكنه يهدد الحياة الحضرية
ورغم بعد "ثويتس" عن أقرب تجمع سكاني بعشرات الآلاف من الكيلومترات، فإن تأثيره قد يكون مباشراً على دول مثل أستراليا، التي يقطن معظم سكانها في مدن ساحلية منخفضة مثل سيدني وملبورن وغولد كوست. فحتى ارتفاع طفيف في منسوب البحر قد يؤدي إلى فيضانات مزمنة تهدد البنية التحتية والسكان.
الدكتور أليستير غراهام، الأستاذ في جامعة جنوب فلوريدا، حذر في تصريح لموقع News.com.au من أن العالم يواجه "سيناريو شبيه بأفلام الكوارث"، لكن ما يحدث في الواقع "أخطر مما قد نتخيل".
تسارع الذوبان.. وتحذيرات من نقطة اللاعودة
بيانات التعاون الدولي لدراسة نهر ثويتس الجليدي تكشف أن تدفق الجليد من النهر نحو المحيط قد تضاعف منذ تسعينيات القرن الماضي.
كما تشير القياسات إلى أن الرف الجليدي العائم، الذي يعمل كحاجز طبيعي يُبطئ من انهيار النهر، بدأ يتشقق ويتفكك.
ويصف الباحثون "ثويتس" بأنه حجر الزاوية في نظام جليدي ضخم. وإذا انهار، فإنه قد يُطلق تفاعلاً متسلسلاً يؤدي إلى ذوبان كتل جليدية أخرى، ما قد يرفع منسوب البحر بمستويات تتجاوز عدة أمتار في المستقبل البعيد.
ذوبان الجليد البحري يعمّق الأزمة
وفي سياق متصل، أظهرت بيانات "المركز الوطني الأميركي لبيانات الثلوج والجليد" أن الجليد البحري في القارة القطبية الجنوبية سجل أدنى مستوياته الشتوية على الإطلاق.
ورغم أن الجليد البحري لا يؤدي مباشرة إلى رفع منسوب البحر عند ذوبانه، إلا أنه يلعب دوراً محورياً في عكس الإشعاع الشمسي ومنع المحيطات من امتصاص كميات هائلة من الحرارة.
تراجع هذا الدرع العاكس يفتح الباب لتسارع ذوبان الأنهار الجليدية من الأسفل، ويزيد من هشاشة النظم الجليدية في القارة الجنوبية.
وفي نهاية نجد أن ذوبان "نهر نهاية العالم" لم يعد مجرد قضية علمية بعيدة عن الحياة اليومية، بل تهديد حقيقي يتسلل بصمت نحو المدن الكبرى حول العالم. والوقت، كما يحذّر العلماء، يوشك أن ينفد.