الإثنين 4 أغسطس 2025 10:31 مـ 9 صفر 1447 هـ
بوابة بالعربي الإخبارية
المحرر العام محمد رجب سلامة
×

تريليونا دولار في الأفق.. استثمارات المستقبل تضع الخليج في صدارة الاقتصاد العالمي

الأحد 3 أغسطس 2025 09:44 صـ 8 صفر 1447 هـ
دول الخليج
دول الخليج

تشهد خارطة الاستثمار في دول الخليج تحولاً نوعياً بوتيرة متسارعة، مدفوعة برؤى التحول الاقتصادي الطموحة التي تتبناها الحكومات بهدف تقليل الاعتماد على العوائد النفطية.

فبعد عقود من تركّز الاستثمارات في مشروعات الهيدروكربونات والبنية التحتية التقليدية، برزت قطاعات جديدة مثل الطاقة المتجددة، والتكنولوجيا المتقدمة، والسياحة، والرعاية الصحية كمحاور أساسية لجذب رؤوس الأموال الأجنبية.

وتتصدر السعودية والإمارات هذا الحراك، حيث تمكنتا من استقطاب كبرى الشركات العالمية عبر شراكات استراتيجية ومشروعات تشغيلية ضخمة.

ووفق تقديرات وكالة "إس آند بي غلوبال"، ستواصل دول الخليج جذب الاستثمارات العالمية بفضل بيئاتها التنظيمية المشجعة وقدراتها التمويلية الكبيرة، رغم تحديات تشمل تعدد الجهات الحكومية المشرفة ونقص الكفاءات المحلية المتخصصة في القطاعات الحديثة.

القطاعات الواعدة على خارطة الاستثمار الخليجي

التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي

في السعودية، تحولت شركة "هيوماين" إلى مركز جذب رئيسي للاستثمارات الأجنبية في الذكاء الاصطناعي، حيث التزمت شركات أميركية كبرى مثل "إنفيديا"، و"إيه إم دي"، و"كوالكوم" بضخ استثمارات تشمل توريد معدات متطورة، وإنشاء بنية تحتية ومراكز تصميم.

وتتوقع الهيئة السعودية للذكاء الاصطناعي أن يساهم القطاع بـ 12% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030.

أعلنت "إيه إم دي" عن استثمار 10 مليارات دولار بالتعاون مع "هيوماين" لإنشاء مراكز بيانات متطورة، فيما ستوفر "إنفيديا" 18 ألف شريحة من طراز "غريس بلاكويل" لتشغيل مراكز بيانات سعودية بقدرة مبدئية 500 ميغاواط ترتفع إلى 1.9 غيغاواط بحلول 2030. أما "كوالكوم" فستؤسس مركز تصميم لتطوير تقنيات أشباه الموصلات وتدريب الكفاءات المحلية.

في الإمارات، أطلقت "أوبن إيه آي" أول توسع دولي لها من خلال مشروع "ستارغيت الإمارات" بالشراكة مع "G42" وبدعم من الحكومة الأميركية، لإنشاء مركز حوسبة متقدم في أبوظبي بقدرة 1 غيغاواط، ليصبح الأكبر خارج الولايات المتحدة، بمشاركة "أوراكل"، و"إنفيديا"، و"سوفت بنك"، و"سيسكو". وستكون الإمارات أول دولة تطلق نسخة وطنية من "تشات جي بي تي" لدعم قطاعات التعليم والصحة والطاقة.

الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر

تُعد منطقة الخليج ثاني أسرع مناطق العالم نمواً في الطاقة المتجددة بعد الصين، وفق "فاينانشال تايمز".

في السعودية، يشهد مشروع "نيوم" للهيدروجين الأخضر استثماراً بقيمة 8.4 مليار دولار بقيادة "إير برودكتس" الأميركية و"أكوا باور" السعودية لإنتاج 600 طن يومياً بحلول 2026، بتمويل مصرفي دولي. كما فازت "توتال إنرجيز" و"إي دي إف رينيوابلز" الفرنسيتان بعقود لتطوير محطات شمسية بقدرة 1.7 غيغاواط باستثمارات تتجاوز 2.1 مليار دولار.

في الإمارات، استثمرت "جينكو سولار" الصينية 400 مليون دولار لإنشاء مصنع للألواح الشمسية في مجمع محمد بن راشد للطاقة الشمسية، كما يجري تطوير مشروع تخزين بطاريات بطاقة 19 غيغاواط/ساعة في أبوظبي بكلفة 6 مليارات دولار، ليكون من الأكبر عالمياً.

أما البحرين، فقد خصصت جزءاً من اتفاقية استثمارية مع بريطانيا بقيمة 3.4 مليار دولار لدعم مشروعات الطاقة النظيفة، بالتعاون مع "أوكتوبوس إنرجي" و"لايت سورس بي بي".

الخدمات المالية وإدارة الأصول

تعزز مدن خليجية مثل الرياض ودبي وأبوظبي والدوحة مكانتها كمراكز مالية إقليمية، مستندة إلى بيئات تنظيمية متطورة وحوافز استثمارية.

في السعودية، حصل بنك "بي إن واي ميلون" على ترخيص لإنشاء مقر إقليمي في الرياض، بينما افتتحت بنوك مثل "غولدمان ساكس" و"سيتي غروب" مكاتب لها في المملكة.

في الإمارات، شهد القطاع المالي توسعاً ملحوظاً مع افتتاح "لازارد" و"بلاك روك" مكاتب في سوق أبوظبي العالمي، وتعزيز "كاناكورد" و"بارينغز" نشاطهما في مركز دبي المالي. كما انتقلت مؤسسات مالية بارزة مثل "بريفان هوارد" ومكتب عائلة راي داليو إلى أبوظبي.

وفي قطر، افتتحت "آشمور غروب" مكتباً في الدوحة عام 2024، بينما دشّنت "غلوبال إنفراستركتشر بارتنرز" مكتباً إقليمياً لإدارة مشروعات البنية التحتية

السياحة والترفيه

في السعودية، تُطوَّر مشاريع كبرى مثل "نيوم" و"البحر الأحمر" و"أمالا" و"القدية"، بالتعاون مع علامات فندقية عالمية مثل "ماريوت"، و"إنيسمور"، و"فورسيزونز"، و"حياة".

أما الإمارات، فقد عززت أبوظبي مكانتها الترفيهية عبر اتفاق مع "والت ديزني" لإنشاء أول "ديزني لاند أبوظبي" في الشرق الأوسط، بينما عقدت دبي شراكات مع "ريو هوتيلز" و"سنتارا" و"سيزرز إنترتينمنت".

البحرين توسع مشاريعها في جزر أمواج وخليج البحرين مع "فور سيزونز" و"فيرمونت"، فيما يتعاون مشروع "مدينة الشرق" في الكويت مع "آراب" الأوروبية لتطوير مرافق ترفيهية وضيافة.

الزراعة والأمن الغذائي

تتبنى الإمارات مشاريع استراتيجية مثل "أغوا" في أبوظبي و"وادي تكنولوجيا الغذاء" و"غيغا فارم" في دبي، إلى جانب شراكات مع "بلنتي" الأميركية.

في قطر، تطور "حصاد فود" مشاريع زراعة مائية مع شركات نرويجية وهولندية لزيادة الإنتاج المحلي وتقليل استهلاك المياه.

الرعاية الصحية

تشهد السعودية توسعاً عبر ملتقى الصحة العالمي وإطلاق صندوق "عافية" بقيمة 250 مليون دولار، إضافة إلى طرح مستشفى الدكتور سليمان فقيه الذي جذب طلبات قياسية.

في الإمارات، أطلقت أبوظبي مركزاً لعلاج السرطان بالأيونات الثقيلة بالتعاون مع "توشيبا"، واستحوذت "إم 42" على "ديافيروم" وأبرمت شراكات مع "إلومينا". في دبي، أُنشئ أول مصنع بوتوكس في المنطقة بالتعاون مع "ميديتوكس"، بينما توسعت "بيور هيلث" عبر استحواذات دولية.

قطر أطلقت "معهد قطر للرعاية الصحية الدقيقة"، وعُمان وقعت اتفاقية مع "سيمنس هيلثينيرز" لتطوير مجمع طبي متكامل.

أبرز التحديات

  • طول إجراءات التراخيص وتعدد الجهات الحكومية المشرفة.
  • نقص الكفاءات المحلية في القطاعات المتقدمة، مما يرفع تكاليف التشغيل.
  • الحاجة إلى تطوير الأطر القانونية والتعاقدية لجذب المزيد من الاستثمارات النوعية.

الاتجاهات المستقبلية

تتجه الاستثمارات الخليجية نحو الطاقة النظيفة، والتكنولوجيا، والصناعات التحويلية، مدعومة بمبادرات مثل "رؤية السعودية 2030" واستراتيجية الإمارات الصناعية.

تلعب الصناديق السيادية، مثل صندوق الاستثمارات العامة السعودي و"مبادلة" و"القابضة" (ADQ)، دوراً محورياً في تمويل التحول الاقتصادي، مع توقعات "مجموعة بوسطن للاستشارات" بوصول استثمارات القطاعات الناشئة إلى أكثر من تريليوني دولار بحلول 2030، تتركز في الاقتصاد الرقمي، والطاقة منخفضة الكربون، والبنية التحتية المستدامة.