التضخم يعاود الارتفاع.. وتثبيت الفائدة أقرب سيناريو في مصر

اتفقت خمسة من كبرى بيوت الخبرة المالية على أن البنك المركزي المصري من المرجح أن يُبقي على أسعار الفائدة دون تغيير خلال اجتماعه المرتقب في يوليو 2025، في ظل تزايد الضغوط التضخمية الناتجة عن التوترات الجيوسياسية وارتفاعات متوقعة في أسعار الوقود والكهرباء.
التضخم يعاود الارتفاع
سجل معدل التضخم السنوي في المدن المصرية أعلى مستوياته هذا العام خلال شهر مايو، ليصل إلى 16.8% مقارنة بـ13.9% في أبريل، مدفوعًا بارتفاع أسعار المواد الغذائية، وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. كما تسارع معدل التضخم الأساسي إلى 13.1% من 10.4% خلال نفس الفترة، في مؤشر على ضغوط تضخمية أوسع نطاقاً.
تثبيت الفائدة هو السيناريو الأرجح
توقعت شركات الاستثمار الخمس المشاركة في الاستطلاع – "الأهلي فاروس"، "سي آي كابيتال"، "نعيم للوساطة المالية"، "مباشر لتداول الأوراق المالية"، و"عربية أون لاين" – أن يبقي البنك المركزي على أسعار الفائدة كما هي، في ظل حالة عدم اليقين المسيطرة على المشهدين المحلي والدولي.
ورجح هاني جنينة، رئيس قطاع البحوث في "الأهلي فاروس"، أن المركزي سيتريث في اتخاذ أي خطوات جديدة بشأن الفائدة في اجتماعه المقبل، بسبب استمرار التوترات الإقليمية وتوقعات بزيادة أسعار الكهرباء والغاز اعتباراً من يوليو، وهو ما قد يُفاقم الضغوط على مستويات الأسعار.
وأشار جنينة إلى أن التخفيض المحتمل في أسعار الفائدة قد يتم في اجتماع أغسطس، ولكن بشرط تحسن الأوضاع الإقليمية وتراجع أسعار النفط وارتفاع قيمة الجنيه المصري ليقترب من مستوى 48 جنيهًا للدولار، إضافة إلى عودة الملاحة الطبيعية في قناة السويس.
زيادات مرتقبة في أسعار الطاقة
الحكومة المصرية تستعد لتطبيق زيادات في أسعار الغاز الطبيعي للمصانع بنحو دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، ابتداءً من يوليو، وذلك بعد أن ألغت خفض أسعار الكهرباء للقطاع الصناعي الذي كان معمولاً به منذ 2020.
كما ألمح رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إلى أن الحكومة تدرس أيضاً زيادة أسعار الكهرباء، مع مراعاة عدم التأثير السلبي على المواطنين ومعدلات التضخم.
وترى سارة سعادة، كبيرة الاقتصاديين في "سي آي كابيتال"، أن هذه التحديات تجعل من خيار تثبيت الفائدة هو الأكثر عقلانية في الوقت الحالي، خاصة في ظل ارتفاع أسعار الطاقة وتأثيرها المباشر على التضخم.
الحذر يطغى على السياسة النقدية
من جهتها، أشارت سلمى طه حسين، رئيسة قسم البحوث في "نعيم"، إلى أن زيادة أسعار الغاز للمنازل بنسبة تصل إلى 25% منذ يونيو الماضي ستؤثر تدريجياً على سلوك المستهلك، مما يستدعي موقفاً حذراً من البنك المركزي.
أما أحمد عبد النبي، رئيس قطاع البحوث في "مباشر"، فرأى أن المضي في سياسة رفع الدعم التدريجي عن الطاقة ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، يستلزم تثبيت أسعار الفائدة في هذه المرحلة.
تحذيرات من خفض متسرع
مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث في "عربية أون لاين"، أكد أن الظروف الحالية لا تسمح بأي خفض إضافي في أسعار الفائدة، لا محليًا ولا عالميًا، مشيراً إلى رسائل تحذيرية من مؤسسات دولية تدعو مصر إلى التريث، في مقدمتها صندوق النقد الدولي.
وقال شفيع إن البنك المركزي خفّض الفائدة بالفعل بنسبة 3.25% منذ بداية 2025، ما يمنحه مساحة كافية للتأني قبل اتخاذ أي خطوات جديدة، خاصة في ظل الضبابية التي تسيطر على المشهد الإقليمي والدولي.