أسهم جبل عمر 2025: من أزمات الجائحة إلى تحديات المنافسة الجديدة

حين طُرحت أسهم جبل عمر للاكتتاب العام في عام 2008، لم يُنظر إليها كاستثمار عقاري فحسب، بل كرمز لمشروع ينمو في قلب مكة المكرمة بجوار الحرم المكي الشريف.
ومع انطلاقة العمل بين 2009 و2015، ارتفعت القيمة السوقية من 6.7 مليار ريال إلى أكثر من 100 مليار ريال، مدفوعة بتفاؤل المستثمرين وموجة فنادق وأبراج جديدة.
بداية الضغوط التمويلية
لكن عام 2015 شكّل نقطة تحوّل. مع صعود أسعار الفائدة، بدأت الشركة تواجه ضغوطًا تمويلية متزايدة، إذ تجاوزت القروض رأس المال بحلول 2016.
ويشير محللون إلى أن تضاريس مكة الصعبة وتكاليف نزع الملكيات المرتفعة فاقمت التحديات، ما انعكس على أداء أسهم جبل عمر التي بدأت تفقد زخمها.
إصلاحات اقتصادية وأعباء إضافية
في خضم الإصلاحات الاقتصادية بالمملكة، ارتفعت تكاليف التشغيل بعد إلغاء الدعم عن الوقود والكهرباء، وفرض رسوم العمالة الوافدة، إضافة إلى ضريبة القيمة المضافة التي ارتفعت من 5% إلى 15% خلال الجائحة. هذه العوامل ضغطت على النتائج المالية للشركة، وأثرت مباشرة على أداء أسهم جبل عمر في السوق.
توقف عوائد أسهم جبل عمر خلال الجائحة
عام 2020 كان الأعنف؛ إذ أغلقت الفنادق والمراكز التجارية مع توقف الحج والعمرة. تكبدت الشركة خسائر تجاوزت 2.6 مليار ريال خلال عامين، وهو ما التهم نحو 30% من رأس المال.
ورغم محاولات إعادة الهيكلة وبيع بعض الأصول، بقيت أسهم جبل عمر تعكس الضغوط الثقيلة على المركز المالي.
انتعاش حذر بعد العودة
مع استئناف مواسم العمرة والحج في 2022، عاد النشاط تدريجيًا، إلا أن الإيرادات الموسمية ظلت متقطعة. افتتاح فنادق جديدة زاد من المصاريف التشغيلية، لتبقى هوامش الربحية ضعيفة، في وقت بلغت فيه ديون الشركة أكثر من 10 مليارات ريال.
بين الأصول الثمينة والديون الثقيلة
رغم امتلاكها أصولًا عقارية تُعد من الأغلى عالميًا، ما تزال الشركة في مواجهة التزامات مالية ضخمة. لجأت إلى بيع أراضٍ بقيمة تجاوزت 1.5 مليار ريال لتحسين السيولة.
ومع ذلك، بقيت أسهم جبل عمر تحت ضغط المستثمرين الذين يترقبون خطوات جادة لمعالجة الديون.
تغييرات متسارعة في الإدارة
شهدت الشركة تبدلات متكررة في إدارتها العليا خلال عام واحد، كان آخرها تعيين المهندس صالح الهبدان رئيسًا تنفيذيًا في 2025، في محاولة لإعادة الاستقرار الاستراتيجي ودعم الثقة في أسهم جبل عمر بالسوق المالية.
مستقبل أسهم جبل عمر
وفق خطة الشركة، تستهدف استكمال المرحلة الرابعة من مشروعها الضخم خلال 2025، مع التوسع في المراحل اللاحقة.
كما تعول على التوسع في قطاع الحج والعمرة بعد حصولها على تراخيص خدمة 80 ألف حاج. ومع ذلك، يرى المحللون أن نجاح أسهم جبل عمر في استعادة بريقها مرهون بقدرتها على موازنة التوسع مع خفض الديون وتحقيق تدفقات نقدية مستقرة.
ماذا بعد؟
المستقبل يحمل فرصًا وتحديات في آنٍ واحد. دخول مشاريع كبرى مثل "مسار مكة" قد يفتح آفاقًا جديدة، لكنه يزيد من حدة المنافسة. لذا فإن استدامة جاذبية أسهم جبل عمر تتوقف على إعادة ترتيب الأولويات، واستغلال الأصول المتميزة لتعزيز العوائد وتحقيق قيمة طويلة الأجل للمستثمرين.