الخميس 28 أغسطس 2025 06:48 صـ 4 ربيع أول 1447 هـ
بوابة بالعربي الإخبارية
المحرر العام محمد رجب سلامة
×

من التراث إلى المستقبل.. كيف تقود السعودية ثورة الألعاب الإلكترونية؟

الجمعة 22 أغسطس 2025 03:27 مـ 27 صفر 1447 هـ
الألعاب الإلكترونية في السعودية
الألعاب الإلكترونية في السعودية

يشهد قطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية في المملكة العربية السعودية نموًا متسارعًا يعكس رؤية طموحة تهدف إلى تحويل المملكة إلى مركز عالمي رائد في هذه الصناعة.

من خلال استضافة فعاليات دولية كبرى مثل كأس العالم للرياضات الإلكترونية، وتبني إستراتيجية وطنية شاملة، تؤكد المملكة ريادتها في مجال الألعاب الرقمية، ثقافيًا واقتصاديًا وتقنيًا.

من الحارة إلى المنصات.. رحلة الألعاب من الذاكرة الجماعية إلى الثورة الرقمية

لطالما شكلت الألعاب جزءًا أصيلًا من التجربة الإنسانية، إذ بدأ الإنسان باستخدام الحجارة والعصي وساحات الحارات، قبل أن تنتقل التجربة إلى الشاشات وأجهزة التحكم.

وتقول الباحثة الثقافية غادة أبا الخيل إن الألعاب مثل "الحجلة" و"الصقلة" كانت أكثر من مجرد ترفيه، بل وسيلة لتعليم القيم وبناء العلاقات الاجتماعية.

ومع دخول أجهزة الألعاب الإلكترونية إلى المملكة في الثمانينات، مثل "الأتاري" و"نينتندو"، شهدت الثقافة الشعبية السعودية تحولًا نوعيًا، حيث بدأت الأجيال في اكتشاف العالم الرقمي، وارتبطت هذه المرحلة بالحنين إلى الماضي أو "النوستالجيا"، الذي تعكسه اليوم نسخ الألعاب الكلاسيكية.

الألعاب الإلكترونية اليوم.. قوة ناعمة وتأثير ثقافي عالمي

تؤكد أستاذة التاريخ د. مها آل خشيل أن الألعاب لم تعد ترفيهًا فقط، بل أصبحت وسائط ثقافية وتعليمية قادرة على تشكيل الوعي، وترسيخ القيم، ونقل الموروث الثقافي.

ومع تطورها إلى منصات رقمية، تحولت إلى أدوات قوية للتواصل الحضاري وبناء الهوية.

وتشير إلى أن الألعاب الرقمية تستخدم اليوم لتطوير المهارات مثل التفكير الإستراتيجي والتخطيط واتخاذ القرار، بالإضافة إلى دورها في ترسيخ الوعي بالتاريخ والثقافة، كما في الألعاب التاريخية التي تلقى إقبالًا كبيرًا من فئة الشباب حول العالم.

حضور سعودي في صناعة الألعاب.. من "ابن بطوطة" إلى "أبو خشم"

تسجل المملكة محاولات واعدة لإنتاج محتوى ألعاب محلي يعكس الهوية الوطنية، من خلال تجارب مثل لعبة "الركاز: في أثر ابن بطوطة" التي أعادت تقديم الشخصية التاريخية في قالب عصري، ولعبة "أبو خشم" التي تضمنت بيئات وشخصيات سعودية بروح محلية.

وترى الباحثة أبا الخيل أن هذه التجارب تمثل جسرًا بين التراث والخيال الرقمي، وتحول الألعاب إلى أدوات فعالة لتسويق الثقافة السعودية بطريقة تفاعلية، تتجاوز العروض التقليدية إلى تجارب رقمية حية.

البطولات العالمية.. منصة للترويج الثقافي والاقتصادي

من خلال استضافة بطولات مثل Gamers8 وكأس العالم للرياضات الإلكترونية، لا تقتصر رؤية المملكة على المنافسة الرياضية، بل تمتد لتشمل فعاليات ثقافية وسياحية تعزز الصورة الذهنية للسعودية كمركز عالمي للألعاب والترفيه.

وشهدت نسخة كأس العالم 2025 مشاركة أكثر من 2000 لاعب من 100 دولة، يتنافسون على جوائز تتجاوز 70 مليون دولار. وساهم الحدث في تحفيز الاقتصاد المحلي، وزيادة الطلب على الأجهزة، وتوسيع الفرص الاستثمارية في مجالات البث الرقمي وتنظيم الفعاليات.

بنية تحتية متطورة وتشريعات رائدة

تشير بيانات هيئة الزكاة والضريبة والجمارك إلى استيراد أكثر من 2.4 مليون جهاز ألعاب خلال عامي 2024 و2025.

كما سجل تقرير "إنترنت السعودية" تحسنًا في زمن الاستجابة بنسبة 88% لأشهر الألعاب.

وعلى الصعيد التشريعي، تتولى الهيئة العامة لتنظيم الإعلام فحص وتصنيف الألعاب إلكترونيًا، باستخدام أول نظام تصنيف عمري في الشرق الأوسط، وهو الأسرع عالميًا، بما يضمن بيئة آمنة وملائمة للمستخدمين في مختلف الأعمار.

إستراتيجية وطنية شاملة لتحويل الرياض إلى عاصمة الألعاب

أطلقت المملكة في 2022 الإستراتيجية الوطنية للألعاب والرياضات الإلكترونية، التي تشمل 86 مبادرة عبر 20 جهة، تغطي مجالات مثل تطوير التقنية، إنتاج الألعاب، التعليم، والتمويل.

كما يأتي مشروع "القدية"، أول مدينة في العالم مصممة للعب، ليجسد رؤية السعودية في تحويل الترفيه إلى محرك اقتصادي وثقافي.

وتسعى المملكة من خلال هذه المبادرات إلى تحقيق عوائد تفوق 50 مليار ريال بحلول عام 2030، وتوفير أكثر من 39 ألف وظيفة في القطاع.