منصة إكس في مفترق طرق.. تراجع في الإيرادات وسط تحولات استراتيجية لإيلون ماسك

في تطوّر يعكس تعقيدات المشهد المالي والسياسي المحيط بمنصة "إكس" (X) التابعة لإيلون ماسك، كشفت بيانات داخلية عن انخفاض طفيف في إيرادات الشركة خلال الربع الثاني من العام، ما يعكس تحديات متزايدة في الحفاظ على الزخم الذي رافق ماسك حين كان في قلب المشهد السياسي الأميركي.
وبحسب مصادر مطلعة، بلغت إيرادات المنصة نحو 707 ملايين دولار خلال الفترة المنتهية في 30 يونيو، بانخفاض نسبته 2.2% مقارنةً بالربع الأول من 2025. وعلى الرغم من هذا التراجع الفصلي، فإن الإيرادات لا تزال أعلى بأكثر من 20% مقارنة بالربع نفسه من العام الماضي، في ظل الأجواء السياسية الحامية والإنفاق الانتخابي الذي استفادت منه المنصة، خاصة حين كان ماسك على مقربة من الرئيس السابق دونالد ترمب.
ومع ذلك، لم تستجب شركة "إكس" لطلبات التعليق، فيما عُرضت هذه الأرقام على مستثمرين من القطاع الخاص مؤخراً، وسط مؤشرات على تحوّل تدريجي في نماذج أعمال المنصة.
من السياسة إلى الذكاء الاصطناعي: تحول في أولويات ماسك
بعد فوز ترمب في انتخابات نوفمبر 2024، استفادت "إكس" من العلاقة الوثيقة بين ماسك والإدارة الجديدة، ما ساعد في جذب معلنين ومستثمرين سعوا للاقتراب من الرجل القوي في وادي السيليكون. لكن هذا التقارب لم يدم طويلاً، إذ تحول إلى خلاف علني بين الطرفين عبر المنصات الرقمية، أعقبه إعلان ماسك انسحابه من المشهد السياسي وتركيزه على مشاريع أخرى، أبرزها شركته للذكاء الاصطناعي "إكس آيه آي" (xAI) وشركة "تسلا".
هذا التغيير انعكس على نموذج الإيرادات داخل "إكس"، حيث تراجعت الإعلانات – التي كانت تاريخياً المحرك الرئيسي للإيرادات – لصالح الاشتراكات وبيع بيانات المستخدمين لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي.
أداء متباين ومؤشرات على الاستقرار
رغم التراجع الفصلي في الإيرادات، أظهرت "إكس" بعض علامات التعافي بعد فترة طويلة من الضبابية التي أعقبت استحواذ ماسك على الشركة في 2022. فقد حققت المنصة أرباحاً تشغيلية (EBITDA) بقيمة 360 مليون دولار خلال الربع الثاني، بزيادة 33% عن الفترة نفسها من العام الماضي، رغم أنها أقل قليلاً مقارنة بالربع الأول من هذا العام.
كما تراجع إجمالي أرباح "إكس" بنسبة 24% مقارنة بالربع السابق، إلا أنها لا تزال مرتفعة بأكثر من 30% عن العام الماضي، ما يشير إلى وجود أساس مالي أقوى مما بدا عليه في ذروة الاضطرابات.
تغييرات إدارية ووجهة جديدة
في يوليو، غادرت الرئيسة التنفيذية ليندا ياكارينو، الخبيرة البارزة في مجال الإعلانات، منصبها، ما أتاح لإدارة "إكس" التركيز بشكل أوضح على استراتيجية التحول نحو الذكاء الاصطناعي. هذا التحول يتجسد بشكل خاص في التكامل مع "إكس آيه آي"، الشركة التي طورها ماسك لبناء نموذج الدردشة الذكية "غروك"، حيث أصبحت منصة "إكس" مورداً رئيسياً للبيانات اللازمة لتدريب هذه النماذج.
يمتد هذا التكامل أيضاً إلى البنية المالية، إذ تمتلك "إكس" حصة بنسبة 11% في "إكس آيه آي"، والتي باتت تُقدّر قيمتها السوقية بنحو 200 مليار دولار، ما يعني أن قيمة حصة "إكس" تضاعفت بعد جولة تمويل أخيرة.
سيولة نقدية وديون ثقيلة
من الناحية المالية، تحتفظ "إكس" الآن بسيولة نقدية تقارب مليار دولار، مقارنةً بـ244 مليون دولار فقط في نهاية 2024، وذلك بفضل جولة تمويل ضخمة جمعت 900 مليون دولار من ماسك وعدد من المستثمرين. هذه الجولة ساعدت أيضاً في إعادة تقييم المنصة عند 44 مليار دولار، وهو نفس الرقم الذي استحوذ به ماسك على "تويتر" في 2022.
لكن رغم هذا التحسن، لا تزال ديون الشركة تشكل عبئاً مالياً، إذ تُدين المنصة بحوالي 12 مليار دولار نتيجة صفقة الاستحواذ. ورغم أن الشركة نجحت في إعادة تمويل قرض بقيمة 1.23 مليار دولار، فإن كلفة خدمة الدين لا تزال مرتفعة وتشكل تحدياً مستمراً.
توسع إمبراطورية ماسك: ترابط الشركات تحت مظلة واحدة
يبدو أن ماسك يسعى إلى ربط الخيوط بين مشاريعه الكبرى. فبالإضافة إلى "إكس" و"إكس آيه آي"، استثمرت شركته الفضائية "سبيس إكس" أيضاً في الذكاء الاصطناعي. ويُنتظر أن يصوت مساهمو "تسلا" في نوفمبر المقبل على قرار استثمار الشركة في "إكس آيه آي"، ما يوسّع من تكامل أذرع ماسك التقنية والمالية.
وفي ظل استمرار "إكس آيه آي" في حرق السيولة بمعدل شهري يقدّر بمليار دولار، تتضح استراتيجية ماسك في تسخير أصوله كافة لدعم سباقه في عالم الذكاء الاصطناعي.