لماذا رفض الرئيس السيسي 8 مواد من قانون «الإجراءات الجنائية»؟

في خطوة تعكس التزام الدولة بتعزيز الحقوق والحريات الدستورية، أعاد الرئيس عبد الفتاح السيسي مشروع قانون الإجراءات الجنائية إلى مجلس النواب لإعادة النظر فيه، مشيرًا إلى عدد من المواد التي تستدعي المراجعة بما يضمن الاتساق مع نصوص الدستور والمعايير الدولية، لا سيما فيما يتعلق بـحرمة المنازل، وضمانات الحبس الاحتياطي، والحق في الدفاع.
وخلال الجلسة الافتتاحية لدور الانعقاد السادس من الفصل التشريعي الثاني، تلا المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، نص رسالة الاعتراض الرسمية من رئيس الجمهورية، والتي جاءت في إطار المادة 123 من الدستور، التي تتيح لرئيس الجمهورية حق الاعتراض على القوانين خلال 30 يومًا من إبلاغه بها.
السيسي: ضرورة إعادة النظر في مواد تمس الحقوق والحريات
وقال الرئيس السيسي في نص رسالته:"تابعت باهتمام بالغ الآراء التي أُثيرت بشأن مشروع القانون، وبعد دراسة المواد محل الخلاف، فإننا نُبدي اعتراضنا على عدد من هذه المواد، لترجيح اعتبارات الإحكام والوضوح والواقعية، والانتصار للحقوق الدستورية، وعلى رأسها حرمة المنازل، وضمانات الحريات الفردية".
أبرز ملاحظات الرئيس على مشروع القانون
تأجيل العمل بالقانون: طالب الرئيس بتعديل المادة السادسة لبدء العمل بالقانون مع بداية العام القضائي الجديد، نظرًا لتطلبه إنشاء مراكز إعلانات هاتفية تتبع وزارة العدل، وما يستلزمه ذلك من استعدادات لوجستية وفنية.
حرمة المنازل (المادة 48): انتقد عدم وضوح تعريف "حالات الخطر" التي تسمح بدخول المنازل، معتبرًا ذلك تهديدًا للحماية الدستورية للمساكن، مطالبًا بصياغة محددة تمنع التوسع في التفسير.
الحبس دون محامٍ (المادة 105): دعا إلى مراجعة المادة التي لم تمنح النيابة العامة صلاحية استجواب المتهم دون حضور محام في حالات الضرورة، في حين منحتها لمأمور الضبط القضائي المنتدب، ما يُحدث خللًا في التوازن بين السلطات.
الإيداع دون أجل (المادة 112): رفض المادة التي تتيح إيداع المتهم بمراكز الاحتجاز دون تحديد مدة زمنية أو إذن قضائي، ما يُعد مخالفة واضحة للدستور والعهد الدولي للحقوق المدنية.
بدائل الحبس الاحتياطي (المادة 114): طالب باستحداث مزيد من التدابير غير الاحتجازية لتقليص اللجوء للحبس الاحتياطي، بما يتماشى مع مبدأ ضرورة أن يكون "الحبس الاستثناء وليس القاعدة".
مدة الحبس الاحتياطي (المادة 123): أشار إلى ضرورة النص على عرض أوراق الحبس الاحتياطي على النائب العام كل ثلاثة أشهر، وليس لمرة واحدة فقط، منعًا لإطالة أمد الحبس دون مبرر.
الإعلانات القضائية (المادة 231): اقترح النص على إمكانية استخدام الطرق التقليدية للإعلان في حال تعطل مراكز الإعلانات الهاتفية، حفاظًا على سير العدالة دون تأخير.
الحق في الاستئناف (المادة 411): رفض المادة التي تمنع إعادة المحاكمة حال تغيب المتهم أو وكيله عن جلسة الاستئناف، مطالبًا بمنح فرصة إضافية للحضور، دعمًا لحقوق الدفاع وضمانًا لأصل البراءة.
احترام للدستور والمعايير الدولية
وأوضح الرئيس أن الاعتراض يستند إلى مبادئ دستورية واضحة، خاصة المواد (54 و58 و96 و98) من الدستور، إضافة إلى التزامات مصر الدولية، وعلى رأسها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، مؤكدًا أن حماية الحقوق لا تتعارض مع تطوير الإجراءات، بل تضمن مشروعية تطبيقها.
دعوة لإعادة دراسة مشروع القانون
وختم الرئيس السيسي رسالته بالتأكيد على أن مشروع القانون الذي ورد إلى رئاسة الجمهورية في 26 أغسطس 2025 لم يمضِ عليه 30 يومًا، ما يتيح إعادته للبرلمان وفقًا للدستور، داعيًا المجلس إلى دراسة المواد محل الاعتراض وأي مواد أخرى يراها تستدعي المراجعة.