هل يقترب العالم من أزمة مالية جديدة؟.. تحذيرات متزايدة وقلق متصاعد

تتصاعد المخاوف في الأوساط المالية العالمية من احتمالية تعرض الأسواق العالمية، وفي مقدمتها السوق الأميركية، لتصحيح عنيف خلال الفترة المقبلة، في ظل التوترات الجيوسياسية المتزايدة، وارتفاع الإنفاق العسكري، واستمرار تضخم تقييمات شركات التكنولوجيا.
جيمي ديمون يدق ناقوس الخطر
حذر جيمي ديمون، رئيس مجلس إدارة بنك جي بي مورجان تشيس، من أن احتمالات وقوع انهيار في الأسواق خلال العامين القادمين "أعلى بكثير" مما تقدره الأسواق حالياً.
وقال ديمون في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية BBC، إنه يتوقع تصحيحاً “خطيراً” في الأسواق خلال فترة تتراوح بين ستة أشهر إلى عامين، مشيراً إلى أن تقديره لاحتمال حدوث التصحيح يبلغ نحو 30%، مقابل تقديرات السوق التي لا تتجاوز 10%.
وأضاف أن الأسواق تتجاهل عوامل مقلقة تتعلق بالوضع الجيوسياسي العالمي والإنفاق الحكومي الكبير، إلى جانب غياب رؤية واضحة للتعامل مع الأزمات المتصاعدة.
أسباب القلق المتزايد
وأوضح ديمون أن هناك ثلاثة عوامل رئيسية تدفعه إلى التشاؤم بشأن مستقبل الأسواق:
1. تصاعد التوترات الجيوسياسية، من الحرب في أوكرانيا إلى تصاعد المواجهات في الشرق الأوسط.
2. الإنفاق العسكري المتزايد عالمياً، وما يمثله من ضغط على الموازنات الحكومية.
3. غياب حلول واضحة للأزمات الاقتصادية والمالية المتراكمة.
وأكد أن العالم يمر بمرحلة "ضبابية وغير مسبوقة"، مشيراً إلى أن "القلق أصبح السمة الأبرز للأسواق في الوقت الراهن".
تحذيرات من مؤسسات دولية
وتتوافق تصريحات ديمون مع تحذيرات أطلقتها كريستالينا جورجيفا، مديرة صندوق النقد الدولي، التي أكدت أن "اللايقين أصبح الوضع الطبيعي الجديد"، في ظل هشاشة الاقتصاد العالمي بعد سلسلة من الصدمات، بدءاً من جائحة كورونا، مروراً بالحرب الروسية الأوكرانية، وصولاً إلى تقلبات أسعار الطاقة والغذاء.
وفي السياق ذاته، حذر بنك إنجلترا من احتمال حدوث "تصحيح مفاجئ" في الأسواق العالمية، مشيراً إلى أن "الارتفاع المفرط في تقييمات بعض شركات الذكاء الاصطناعي" يمثل مصدر قلق متزايد لصناع القرار المالي.
هل الذكاء الاصطناعي يقود فقاعة جديدة؟
ورغم إقرار ديمون بأهمية الذكاء الاصطناعي ودوره المتوقع في تعزيز الإنتاجية الاقتصادية مستقبلاً، إلا أنه يرى أن الاستثمار المفرط في هذا القطاع قد يكون مبالغاً فيه حالياً، مشبهاً الوضع الراهن بما حدث في فقاعة "الدوت كوم" مطلع الألفية الجديدة، حين انهارت أسعار أسهم شركات التكنولوجيا فجأة بعد طفرة قصيرة.
وقال ديمون إن "جزءاً كبيراً من الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي لن يحقق العوائد المرجوة، وقد يؤدي إلى خسائر واسعة النطاق للمستثمرين".
مستقبل الأسواق بين الحذر والتفاؤل
ويرى محللون أن الأسواق الأميركية تعيش حالة من التفاؤل المفرط، مدفوعة بتراجع نسبي في معدلات التضخم، وزخم الاستثمارات في تقنيات الذكاء الاصطناعي. إلا أن هذا التفاؤل قد يتحول إلى فخ إذا ما تبدلت الظروف السياسية أو الاقتصادية بشكل مفاجئ.
ويشير خبراء إلى أن التنويع في المحافظ الاستثمارية وتجنب القطاعات ذات التقييمات المبالغ فيها أصبح ضرورة في المرحلة الحالية، مؤكدين أن أي تصحيح قادم سيكون أكثر عمقاً نتيجة التحديات الجيوسياسية المعقدة.
وبينما يعتبر البعض هذه التحذيرات "مبالغات إعلامية"، يرى آخرون أنها جرس إنذار حقيقي يدعو المستثمرين والحكومات على حد سواء إلى الاستعداد للأسوأ، في عالم تتزايد فيه المخاطر وتضيق فيه هوامش الأمان الاقتصادي يوماً بعد يوم.