الثلاثاء 25 نوفمبر 2025 01:00 صـ 3 جمادى آخر 1447 هـ
بوابة بالعربي الإخبارية
المحرر العام محمد رجب سلامة
×

عودة صامتة لتعدين ”البيتكوين” في الصين رغم الحظر الرسمي

الإثنين 24 نوفمبر 2025 01:19 مـ 3 جمادى آخر 1447 هـ
البيتكوين
البيتكوين

عاد نشاط تعدين البيتكوين في صمت إلى الواجهة داخل الصين، على الرغم من قرار الحظر الشامل الذي فرضته بكين قبل 4 سنوات، وذلك مع استغلال أفراد وشركات لوفرة الكهرباء ورواج مراكز البيانات في بعض المقاطعات الغنية بالطاقة.

وكانت الصين أكبر سوق عالمي لتعدين العملات المشفرة قبل أن تحظر الحكومة عام 2021 جميع عمليات التداول والتعدين بدعوى حماية الاستقرار المالي وترشيد استهلاك الطاقة، وبعد أن تراجع نصيبها من سوق التعدين العالمي إلى الصفر عقب الحظر، عادت الصين لتحتل المركز الثالث بحصة 14% بنهاية أكتوبر، بحسب مؤشر "هاش ريت إندكس" المتخصص في رصد نشاط تعدين البيتكوين.

ويعزز هذا الانتعاش، الذي تؤكده أيضا مبيعات شركة "كانان" المصنعة لأجهزة التعدين التي ارتفعت بقوة داخل الصين، الطلب على البيتكوين ويدعم أسعاره عالميا، بحسب ما نقلته صحيفة "بزنس بوست" الاقتصادية.

وتعدين البيتكوين هو العملية التي يجري خلالها استخدام أجهزة حاسوب قوية لحل معادلات رياضية معقدة بهدف توثيق معاملات شبكة "بيتكوين" وإضافتها إلى سلسلة الكتل "البلوك تشين"، وتعتمد هذه العملية على ما يُعرف بآلية "إثبات العمل"، حيث يتنافس المُعدّنون على حل لغز تشفيري، والفائز يحصل على حق إضافة كتلة جديدة إلى السجل مقابل مكافأة من عملات البيتكوين الجديدة ورسوم المعاملات، يتطلب التعدين طاقة كهربائية كبيرة وقدرة حوسبية مرتفعة، لذلك أصبح نشاطا احترافيا يعتمد على مزارع تعدين ضخمة وأجهزة متخصصة.

وقال "وانج"، أحد المعدّنين في إقليم شينجيانج بالصين، إنه بدأ التعدين أواخر العام الماضي في المقاطعة التي تتمتع بوفرة كبيرة من الطاقة، مضيفا: "كميات كبيرة من الكهرباء لا يمكن نقلها خارج شينجيانج، ولذلك يتم استهلاكها عبر تعدين العملات المشفرة… ما يمكنني قوله هو أن الناس يتجهون إلى الأماكن التي تتوافر فيها الكهرباء الرخيصة".

وكانت حملة بكين عام 2021 قد دفعت المعدّنين لإغلاق نشاطهم المحلي والانتقال إلى أسواق خارجية مثل أمريكا الشمالية وآسيا الوسطى، وجاءت العودة الحالية للتعدين بالتزامن مع الصعود القياسي للبيتكوين في أكتوبر مدعوما بسياسات الولايات المتحدة المواتية للعملات المشفرة في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إضافة إلى تزايد الشكوك تجاه الدولار، ما جعل عمليات التعدين أكثر ربحية، ورغم ذلك تراجعت العملة بنحو الثلث من ذروتها في أكتوبر مع ضعف الإقبال العالمي على المخاطر.

وقال خبير العملات المشفرة باتريك جرون، إن "مرونة السياسات الصينية تظهر عندما تكون الحوافز الاقتصادية قوية في مناطق معينة… وعودة نشاط التعدين في الصين هي من أهم الإشارات التي شهدها السوق منذ سنوات"، ورغم أن الصين لم تعلن رسميا تخفيف قيود التعدين، فإن مجرد الإشارات غير المباشرة تُعد دعما لسردية البيتكوين كأصل مقاوم لتدخلات الدول.

وينتشر التعدين بشكل خاص في المناطق الوفيرة بالطاقة مثل شينجيانج، بحسب المعدّنين ومصنّعي الأجهزة، وقال دوق هوانج من منطقة سيتشوان، الذي توقف عن التعدين قبل سنوات بسبب الحظر، إن بعض أصدقائه عادوا للنشاط مؤخرا، مضيفا: "القطاع حساس… لكن من يحصل على كهرباء رخيصة ما زال يواصل التعدين"، كما ساهم فائض الكهرباء وقوة الحوسبة الناتج عن توسع مفرط في مراكز البيانات التابعة لحكومات محلية تعاني من ضائقة مالية في تعزيز الانتعاش، بحسب مصدر في إحدى شركات تصنيع أجهزة التعدين.

وتعكس بيانات مبيعات الشركات هذا الاتجاه؛ إذ حصلت شركة "كانان" على 30.3% من إيراداتها العالمية من الصين العام الماضي، مقارنة بـ2.8% فقط في 2022 عقب الحملة الحكومية، وفقا لوثائق الشركة، وقفزت مساهمة الصين إلى أكثر من 50% في الربع الثاني من العام الجاري، وفق مصدر مطلع، وأرجعت الشركة نمو مبيعاتها إلى حالة عدم اليقين بشأن الرسوم الأمريكية، وارتفاع أسعار البيتكوين، و"تحول طفيف" في موقف الصين من الأصول الرقمية.

وفي بيان عبر البريد الإلكتروني، قالت الشركة، ومقرها سنغافورة، إن أنشطتها تتوافق مع القواعد الصينية، لكنها امتنعت عن التعليق على سياسات التعدين، مضيفة: "في الصين، البحث والتطوير وتصنيع وبيع أجهزة التعدين مسموح بها".

ويأتي انتعاش التعدين بالتوازي مع مؤشرات على تراجع التشدد الحكومي تجاه العملات الرقمية، والتي كانت سابقا تُعد تهديدا للعملة المحلية وأداة محتملة لخروج رؤوس الأموال، وعلى سبيل المثال، دخل قانون العملات المستقرة في هونج كونج حيز التنفيذ في أغسطس، ما يسمح للمدينة بمنافسة الولايات المتحدة في بناء سوق منظمة للعملات المستقرة المدعومة بالعملات النقدية، كما تحدثت تقارير عن دراسة السماح باستخدام عملات مستقرة مدعومة باليوان لتعزيز انتشار العملة الصينية عالميا.

وقال خوليو مورينو، رئيس الأبحاث في منصة "كريبتو كوانت" المتخصصة في العملات المشفرة، إن "تعدين البيتكوين ما زال محظورا رسميا في الصين، لكن هناك قدرة كبيرة تعمل فعليا"، وقدرت المنصة أن ما بين 15% و20% من القدرة العالمية للتعدين تعمل داخل الصين حاليا.

وقال ليو هونج لين، مؤسس مكتب "مان كون" للمحاماة، إنه من الصعب القضاء على نشاط مربح كهذا في الصين، موضحا: "أعتقد شخصيا أن السياسات الحكومية ضد التعدين ستتراجع تدريجيا، لأنه ببساطة لا يمكن إيقاف مثل هذه الأنشطة بالكامل".

موضوعات متعلقة