الأربعاء 26 نوفمبر 2025 02:38 صـ 5 جمادى آخر 1447 هـ
بوابة بالعربي الإخبارية
المحرر العام محمد رجب سلامة
×

السعودية وفرنسا: شراكة تاريخية بتمويل 3 مليارات دولار لرؤية 2030

الثلاثاء 25 نوفمبر 2025 07:01 مـ 4 جمادى آخر 1447 هـ
سامر شقير
سامر شقير

لقد وضع منتدى الأعمال السعودي–الفرنسي الذي عُقد مؤخراً في الرياض، بحضور لافت شمل مئات المشاركين الفرنسيين، علامات فارقة تؤكد دخول الشراكة الاقتصادية بين البلدين مرحلة جديدة وغير مسبوقة. لم يكن الحدث مجرد منصة لتعزيز التعاون التجاري والاستثماري، بل كان منصة لإطلاق آليات عملية تترجم الطموح المشترك إلى واقع ملموس، مدفوعاً بثقة فرنسية عميقة في مسار التحول التاريخي الذي تشهده المملكة.

الاتفاق: تمويل بـ 3 مليارات دولار مصمم لـ "مقاس الرؤية"

إن أبرز ما يميز هذا الحدث هو الإعلان عن إطلاق حزمة تمويلية جديدة بقيمة 3 مليارات دولار من قبل وزير التجارة الخارجية الفرنسي. هذا الاتفاق لا يمثل مجرد ضخ مالي، بل يمثل اعترافاً فرنسياً خاصاً بحجم وطموح المشاريع السعودية الكبرى ضمن رؤية 2030.

لقد أكد الوزير الفرنسي أن هذه الحزمة هي أول آلية تمويل تُصمَم خصيصاً لتلبية حجم وطموح رؤية 2030. وتحمل هذه الآلية بعداً استراتيجياً هاماً، حيث صُممت لتكون أسرع وأكثر كفاءة وسهولة لرواد الأعمال، وتسمح بتسريع الإجراءات للشركات السعودية المتعاقدة مع نظيرتها الفرنسية للحصول على تمويل مضمون من الخزانة الفرنسية. ويشير الوزير إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تُنشئ فيها فرنسا والخزانة الفرنسية مثل هذه الآلية المتناسبة.

هذا التمويل يعكس إيمان فرنسا بقدرة السعودية على التخطيط وبناء مستقبلها، ويأتي في سياق جهود لتعزيز وتنسيق أدوات الدعم المالي وتمويل المشاريع. وهذا يؤكد أن التعاون قد تجاوز مرحلة العلاقات التقليدية إلى مرحلة الشراكة الاستراتيجية الفعّالة والتمويل المبتكر.

زخم ونمو استثنائي في التبادل التجاري

بالنظر إلى حجم التبادل التجاري، نجد أن الأرقام تكشف عن زخم كبير، مما يبرر ضرورة تطوير آليات تمويلية متقدمة. فقد كشف وزير التجارة السعودي أن حجم التبادل التجاري مع فرنسا ارتفع بنسبة 77% منذ عام 2020، ليصل إلى 11 مليار دولار. والأكثر طموحاً هو الهدف المعلن لمضاعفة هذا الرقم خلال الفترة المقبلة.

* الاستثمارات المباشرة: فرنسا تحتل المرتبة الثالثة بين كبار المستثمرين في المملكة، حيث وصلت الاستثمارات المباشرة في الاقتصاد السعودي إلى 17.4 مليار دولار.

* مكانة فرنسا: تحتل فرنسا المرتبة الثانية من حيث حجم التجارة مع السعودية، بعلاقة تتجاوز 7 مليارات دولار.

هذه الأرقام تؤكد مكانة فرنسا كشريك اقتصادي واستثماري رئيسي. فالاستثمارات الفرنسية الهائلة تسبق حجم التبادل التجاري السنوي، مما يشير إلى تركيز الشركات الفرنسية على المشاريع طويلة الأجل والمشاركة في البنية التحتية، وهو ما يتوافق تماماً مع مشاريع رؤية 2030.

الشراكة في قلب مشاريع رؤية 2030

تتجاوز هذه الشراكة تبادل السلع لتصبح شراكة في التنمية الحضرية والتقنية. يشار إلى أن الشركات الفرنسية شريك رئيسي في مشاريع الهيئة الملكية لمدينة الرياض الكبرى، مثل مترو الرياض، وحديقة الملك سلمان، وتطوير مطار الملك سلمان الدولي. وقد أشاد الوزير الفرنسي بالإنجازات التي حققتها السعودية في مشاريع كبرى تم إنجازها بالتعاون مع شركات فرنسية.

حلول فرنسية نوعية تدعم المدن الذكية والاستدامة

* النقل والبنية التحتية: تلعب الشركات الفرنسية دوراً محورياً في النقل، البنية التحتية، والتصميم الحضري.

* الاستدامة والتقنية البيئية

استعراض لتقنيات فرنسية متخصصة في تحلية المياه دون تأثير بيئي سلبي، مما يجعل السعودية موقعاً مثالياً لنشرها في الشرق الأوسط.

* المدن الذكية: تنفيذ مشاريع للإضاءة الذكية تساهم في تحسين كفاءة استهلاك الطاقة، ومراقبة حركة المرور، وإدارة الحدائق العامة، بما يعزز الاستدامة.

إن هذه الشراكة تأتي في وقت تعيش فيه المملكة مرحلة تحول تاريخي، حيث تشكل المملكة أحد أكثر الاقتصادات جاذبية عالمياً، مع ثروة معدنية ضخمة، وتركيبة سكانية شابة.

الخاتمة: محرك مالي لخطط ضخمة

يمثل هذا المنتدى، والحزمة التمويلية الجديدة، والنمو الهائل في حجم التبادل التجاري (الذي بلغ 11 مليار دولار مع طموح لمضاعفته)، تأكيداً على أن الشراكة السعودية الفرنسية تدخل مرحلة تعاون اقتصادي غير مسبوق، مدفوعةً بالاستعداد لاستضافة أحداث عالمية كبرى.

ومثلما أن رؤية 2030 هي مخطط شامل للتنمية، فإن التمويل الفرنسي البالغ 3 مليارات دولار هو المحرك المصمم خصيصاً لهذه الخطة الضخمة، لضمان تسارع التنفيذ والدخول في الشراكات التقنية والاستثمارية بكفاءة عالية.