الذكاء الاصطناعي يدخل معركة التضليل المالي.. محتوى زائف يهدد قرارات الأفراد
في الأشهر الأخيرة، شهدت محركات البحث ومواقع التواصل الاجتماعي تزايدًا ملحوظًا في المحتوى المرتبط بالضرائب، والتقاعد، والاستثمار، والمال عمومًا، لكن كثيرًا من هذا المحتوى يحمل طابعًا مضللًا ومثيرًا للقلق، ويقف وراءه استخدام منظم لأدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي بهدف تضليل الجمهور وتحقيق أرباح مالية.
وفي تقرير نشرته مجلة "ليزيكو" الفرنسية، تم تسليط الضوء على ظاهرة متصاعدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لإنشاء محتوى مالي يبدو في ظاهره صحفيًا ومهنيًا، لكنه في حقيقته معلومات زائفة تهدف إلى التلاعب بمخاوف الناس حيال قضايا حياتية مثل التقاعد والضرائب وقرارات الاستثمار.
توجه جديد للتضليل
التقرير أشار إلى أن التضليل لم يعد محصورًا في الفيديوهات أو المقاطع الصوتية المزيفة (Deepfakes) التي تخدم أهدافًا سياسية، بل أصبح يشمل أيضًا مجالات حياتية حساسة تمس حياة الأفراد اليومية، مثل الوضع المالي والاستقرار الاقتصادي.
هذه المواد تأخذ شكل مقالات إخبارية، تتميز بعناوين جذابة ورسوم توضيحية وإحصاءات تبدو موثوقة، لكنها تُنتَج بالكامل باستخدام أدوات مثل ChatGPT، بهدف التأثير على القارئ وتحقيق مكاسب من خلال الإعلانات.
آليات الانتشار وتحقيق الأرباح
وأوضح جان-مارك لونوار، أستاذ الرياضيات والمتخصص في الذكاء الاصطناعي التوليدي، أن هذه النصوص تُصمَّم عمدًا لإثارة القلق أو الغضب، وهو ما يزيد فرص مشاركتها عبر الإنترنت، وبالتالي ارتفاع عدد الزيارات التي تُترجم إلى أرباح إعلانية.
وأشار إلى أن خوارزميات محركات البحث ومنصات التواصل الاجتماعي تُعزز انتشار المحتوى الذي يولّد تفاعلًا قويًا، بغض النظر عن صحته أو موثوقيته.
فجوة الثقافة المالية
وتُلفت صوفي دوراند، الباحثة الاجتماعية المتخصصة في سلوكيات الاستهلاك، إلى أن التضليل المالي يستهدف في الغالب الأفراد ذوي المعرفة المحدودة بالمسائل الاقتصادية، حيث يفتقر كثيرون إلى الأدوات اللازمة للتحقق من دقة أو صدقية المعلومات المالية المعقدة.
ويُستغل هذا الضعف عبر إنتاج محتوى مكتوب بأسلوب مقنع ومدعوم بعناصر بصرية ورسوم بيانية، ثم يُضخّم انتشاره عبر منصات محسّنة لمحركات البحث، وحسابات مزيفة أو حملات ترويجية مدفوعة على وسائل التواصل.
خطر حقيقي على قرارات الأفراد
المحتوى الزائف في هذا السياق لا يُعد فقط تضليلًا عابرًا، بل يمثل تهديدًا مباشرًا للقرارات المالية للأفراد. حيث قد يدفعهم إلى سحب استثمارات آمنة بسبب إشاعة، أو الوقوع ضحية لفرص استثمارية وهمية يتم تسويقها بطريقة احترافية.
وتؤكد المجلة الفرنسية أن أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي لم تعد مجرد وسيلة للمساعدة أو الإبداع، بل تحولت إلى أداة تُستغل للتلاعب النفسي والربح غير المشروع.
دعوة للتوعية والتحقق
وفي مواجهة هذا التحدي، يصبح الوعي النقدي والتحقق من المصادر ضرورة قصوى لحماية الأفراد من الوقوع في فخاخ معلوماتية قد تؤدي إلى قرارات مالية كارثية. وتدعو التقارير إلى توخي الحذر من الأخبار المالية مجهولة المصدر، والتأكد من أن أي قرار مالي يستند إلى مصادر رسمية وموثوقة.