السعودية تعيد تشكيل سوق النفط.. «أوبك+» ورهانات على مكاسب 2027

رغم الأضرار المالية التي تكبّدها تحالف "أوبك+" نتيجة استراتيجيته الأخيرة لزيادة إنتاج النفط واستعادة حصته في السوق، تشير توقعات حديثة إلى أن هذه المقاربة قد تؤتي ثمارها على المدى الطويل، تحديدًا بحلول عام 2027.
فقد أوضحت شركة "وود ماكنزي" المتخصصة في أبحاث الطاقة أن نمو الإمدادات من خارج "أوبك" بقيادة دول مثل البرازيل وكندا وغيانا سيشهد تراجعًا حادًا بنسبة تفوق 80% بين عام 2025 و2027، حتى يكاد يتوقف تمامًا في نهاية الفترة. وبدورها، خفّضت شركة "ريستاد إنرجي" النرويجية توقعاتها لنمو الإمدادات بشكل كبير في الأشهر الأخيرة.
قرار استباقي من السعودية
التحول المفاجئ في موقف السعودية قبل أربعة أشهر، والذي قاد التحالف إلى زيادة المعروض النفطي، أدى إلى انخفاض الأسعار وتراجع الإيرادات النفطية، ما ساهم في اتساع عجز الميزانية، رغم أن هذه التأثيرات بدأت تتلاشى تدريجياً.
ويعود هذا التحول في الاستراتيجية، وفقًا لمندوبي "أوبك+"، إلى رغبة الرياض في استعادة حصتها السوقية التي فقدتها خلال السنوات الماضية لصالح منافسين مثل منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة.
رهانات على التباطؤ خارج "أوبك"
يرى محللو السوق أن الرهان على المدى المتوسط قد يكون مجديًا. إذ يُتوقع أن يشهد عام 2027 تحولًا حاسمًا، وفقًا لما صرح به خورخي ليون، المحلل في "ريستاد" والموظف السابق بأمانة "أوبك"، مع تباطؤ حاد في إنتاج الدول غير الأعضاء، نتيجة نضوب الحقول في دول مثل المكسيك والصين والنرويج، إلى جانب التراجع المتوقع في الإنتاج الأمريكي بعد 2025.
وتوضح آن-لويز هيتل، نائبة رئيس قسم أسواق النفط لدى "وود ماكنزي"، أن هذا التباطؤ يعكس دخول عدد من الحقول حول العالم مراحل الشيخوخة الطبيعية، ما يقلص قدرتها على ضخ كميات إضافية.
غموض في الطلب وتوقعات الأسعار
رغم توفر طاقة فائضة لدى "أوبك" يمكن الاستفادة منها، توقعت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الصادر في يونيو الماضي تراجع الطلب على نفط المنظمة بدءًا من العام المقبل وحتى 2029، ما يضيف طبقة من التعقيد على قرارات الإنتاج المستقبلية.
ويتخوف المتعاملون في أسواق الطاقة من أن يؤدي ضخ المزيد من الإمدادات إلى تراجع إضافي في الأسعار خلال الفترة المقبلة، خاصة في ظل ضعف الطلب من الصين وتزايد المعروض من الولايات المتحدة.
دروس الماضي حاضرة
ولا تزال تجربة السعودية في 2014 حاضرة في أذهان الأسواق، حين شنت حرب أسعار ضد شركات النفط الصخري الأميركية، لكنها اضطرت للتراجع بعد 18 شهرًا فقط، نتيجة التكاليف الباهظة التي تكبدتها.
اليوم، يبدو أن "أوبك+" يخوض رهانه مجددًا، لكن هذه المرة بحذر أكبر، وعلى أمل أن تكون المكاسب المستقبلية أكبر من التضحيات الحالية.