بدء تطبيق الرسوم الجمركية الأمريكية المضاعفة على السلع الهندية

دخلت الولايات المتحدة اعتباراً من اليوم الأربعاء في مرحلة جديدة من التصعيد التجاري مع الهند، بعد أن فرضت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسوماً جمركية غير مسبوقة بلغت 50% على بعض السلع الهندية، وهي النسبة الأعلى في آسيا.
وتأتي هذه الخطوة لمعاقبة نيودلهي على استمرارها في شراء النفط الروسي، رغم التحذيرات الأميركية.
الرسوم الجديدة ضاعفت التعرفة السابقة البالغة 25%، التي بدأ تطبيقها مطلع أغسطس، مما يضيف عبئاً ثقيلاً على العلاقات الاقتصادية بين البلدين، والتي شهدت في السنوات الأخيرة تقارباً متزايداً قبل أن تدخل مرحلة من التوتر الحاد.
صدمة للهند وتحديات لمكانتها الصناعية
الهند، صاحبة أسرع اقتصاد رئيسي نمواً في العالم، تواجه اليوم تحدياً استراتيجياً مع احتمال تراجع صادراتها نحو السوق الأميركية، التي تُعد الأكبر بالنسبة لها.
ووفق خبراء، فإن هذه الرسوم قد تضعف قدرة المنتجات الهندية على المنافسة أمام سلع من دول مثل الصين وفيتنام، ما يهدد خطط رئيس الوزراء ناريندرا مودي لجعل بلاده مركزاً صناعياً عالمياً.
أجاي سريفاستافا، مؤسس مركز "مبادرة التجارة العالمية"، وصف الرسوم بأنها "ضربة استراتيجية"، قد تفقد الهند مواقعها في سلاسل التوريد العالمية وتؤدي إلى تفاقم البطالة في قطاعات تصديرية أساسية.
النفط الروسي محور الخلاف
الخطوة الأميركية جاءت بعد تعثر المفاوضات التجارية بين الجانبين، وزيادة حدة التوترات بسبب إصرار نيودلهي على شراء النفط الروسي بأسعار مخفضة.
ترامب اتهم الهند بأنها تساهم في تمويل حرب موسكو ضد أوكرانيا، في حين ردت نيودلهي بأن هذه المشتريات تعزز استقرار أسواق الطاقة، مؤكدة أنها ستستمر "طالما أن الأمر يحقق مكاسب اقتصادية".
هذا الموقف دفع الهند إلى تعزيز علاقاتها مع شركاء آخرين ضمن تكتل "بريكس"، في وقت تعمل فيه على إصلاح علاقاتها مع الصين بعد الخلافات الحدودية السابقة، كما رفعت مستوى التعاون الاقتصادي مع روسيا بهدف زيادة حجم التبادل التجاري بينهما بنسبة 50% خلال خمس سنوات.
تداعيات اقتصادية داخلية
تأجيل وفد أمريكي لجولة مفاوضات تجارية كانت مقررة في أواخر أغسطس أثار مخاوف إضافية بشأن فرص التوصل إلى اتفاق بحلول الخريف.
وبحسب تقديرات "سيتي غروب"، فإن الرسوم البالغة 50% قد تخفض النمو الاقتصادي للهند بما بين 0.6 و0.8 نقطة مئوية سنوياً.
مع ذلك، لن تشمل الإجراءات الأمريكية صادرات رئيسية مثل الأدوية والإلكترونيات، وهو ما يحمي الاستثمارات الأجنبية الحديثة، بما فيها توسعات شركات كبرى مثل "أبل".
كما أن اعتماد الهند الكبير على الطلب المحلي، الذي يمثل نحو 60% من ناتجها المحلي الإجمالي، قد يخفف من الأثر المباشر لهذه الرسوم.
حكومة مودي أعلنت نيتها المضي في إصلاحات جديدة تشمل النظام الضريبي وإجراءات لدعم قطاعات صناعية حساسة مثل النسيج والأحذية، الأكثر عرضة للتأثر بالقرار الأميركي.
ضغوط على الأسواق المالية
قبيل دخول الرسوم حيز التنفيذ، شهدت الأسواق الهندية اضطراباً ملحوظاً؛ إذ سجلت الروبية أسوأ أداء بين عملات آسيا هذا العام، كما خرجت استثمارات أجنبية من سوق الأسهم بقيمة قاربت 5 مليارات دولار منذ يوليو.
ورغم هذه الضغوط، يرى محللون أن الأزمة قد تتحول إلى فرصة للهند لتسريع إصلاحات مؤجلة تتعلق بالأراضي وسوق العمل وتحرير الاقتصاد، بما يعزز من تنافسيتها على المدى الطويل.