الإثنين 6 أكتوبر 2025 07:01 مـ 13 ربيع آخر 1447 هـ
بوابة بالعربي الإخبارية
المحرر العام محمد رجب سلامة
×

دوري الحرب والنصر.. كيف خدعت كرة القدم المصرية العدو في أكتوبر 1973؟

الإثنين 6 أكتوبر 2025 01:22 مـ 13 ربيع آخر 1447 هـ
جانب من مباراة غزل المحلة والطيران في حرب أكتوبر
جانب من مباراة غزل المحلة والطيران في حرب أكتوبر

52 عامًا مرت على ملحمة السادس من أكتوبر 1973، ولا تزال تلك الحرب المجيدة تشكل علامة فارقة في تاريخ مصر الحديث، حيث تحولت إلى نبراس وطني ينير الطريق نحو مستقبل مزدهر.

فقد كانت معركة الكرامة والسيادة استثنائية في كل تفاصيلها، خطط لها بإحكام ونفذت بإبداع، وشارك فيها الجيش والشعب بكافة أطيافهم، ومن بينهم الرياضيون، وعلى رأسهم عناصر كرة القدم المصرية.

كرة القدم.. سلاح غير تقليدي في حرب أكتوبر

لم تكن كرة القدم المصرية بعيدة عن خطط الحرب، بل كانت جزءًا من خطة التمويه الاستراتيجي التي أعدتها الدولة لخداع العدو الإسرائيلي، بإيهامه أن الحياة في مصر تسير بشكل طبيعي، ولا نية لخوض أي مواجهات عسكرية.

وفي إطار هذه الخطة، استؤنفت مسابقة الدوري المصري الممتاز بشكل طبيعي في موسم 1973/1974، وهو أمر غير معتاد في ظل التوترات الإقليمية التي سبقت الحرب.

لكن الدولة كانت تدرك أن انتظام المسابقة سيُرسل رسالة مضللة للعدو، مفادها أن مصر منشغلة بشؤونها الداخلية وليست بصدد دخول معركة وشيكة.

أسبوع كروي في قلب النصر العسكري

وصل الدوري إلى الأسبوع الخامس، الذي بدأ يوم 5 أكتوبر 1973، أي قبل الحرب بيوم واحد فقط، حيث أقيمت 7 مباريات دفعة واحدة، وتبقى لقاؤان كان من المقرر أن يُلعبا يوم 6 أكتوبر، وهما:

غزل المحلة × الطيران

الإسماعيلي × المصري (ديربي القناة)

في هذه الأثناء، كانت القوات المصرية تعبر قناة السويس وتحقق الإنجاز العسكري الأهم في تاريخها الحديث، بينما كانت الكرة المصرية تُستكمل دون توقف، في مشهد عبقري لخداع العدو حتى اللحظات الأخيرة.

مباراة في التوقيت الحاسم.. والجمهور يهتف للطيران

بدأت مباراة غزل المحلة والطيران في تمام الساعة الثانية والنصف ظهرًا، أي بعد عبور القوات المصرية القناة بنصف ساعة فقط.

وسارت المباراة بشكل طبيعي دون معرفة اللاعبين أو الحكام بانطلاق الحرب.

لكن المفاجأة جاءت حين بدأ جمهور غزل المحلة يهتف لفريق الطيران، وهو ما أثار استغراب اللاعبين.

وبين شوطي اللقاء، كشف بعض الإداريين أن الجماهير سمعت البيان الأول للحرب عبر الراديو، وعرفت أن الطيران المصري بدأ ضرباته الموفقة، فهتفت لتحيته تكريمًا لدوره البطولي.

انتهت المباراة بنتيجة التعادل السلبي، لكنها لم تكن مجرد لقاء رياضي، بل تحولت إلى جزء من المشهد الوطني العام، حيث تداخلت الرياضة مع المعركة الكبرى لتحرير الأرض.

إلغاء الدوري والانخراط في معركة الوطن

في أعقاب الحرب، قرر الاتحاد المصري لكرة القدم إلغاء الدوري بالكامل، للتفرغ الكامل لدعم المعركة. وتحولت الأندية إلى ساحات للتدريب والتجنيد، حيث استقبلت متطوعين وفدائيين شاركوا في دعم جهود الحرب، سواء بالخدمة المباشرة أو بالمشاركة اللوجستية.

ولم يستأنف النشاط الكروي في مصر إلا في الموسم التالي 1974/1975، بعد انتهاء العمليات العسكرية وعودة الحياة إلى طبيعتها تدريجيًا.

وجوه رياضية خدمت الوطن بالسلاح والقلم

لم تكن مساهمة الكرة المصرية تقتصر على التمويه فحسب، بل شارك عدد من رموز اللعبة في الجهود العسكرية الوطنية، سواء عبر الخدمة في القوات المسلحة أو من خلال الإعلام الرياضي الوطني، الذي واكب المعركة وساند الجبهة برفع المعنويات ودعم الروح القتالية لدى الجماهير واللاعبين.

دوري 1973.. في ذاكرة التاريخ

رغم أنه لم يستكمل، إلا أن دوري موسم 1973/1974 سيبقى محفورًا في الذاكرة الوطنية، ليس فقط كمسابقة رياضية، بل كأداة من أدوات الحرب الذكية، التي استخدمت فيها مصر كل ما تملكه من قدرات لإرباك العدو وخداعه، حتى حانت لحظة العبور المجيد واستعادة الأرض والكرامة.

موضوعات متعلقة