200 مليون دولار استثماراً جديداً من IBM في الرياض لصناعة برمجيات المستقبل

في خضم السباق العالمي نحو تسخير الذكاء الاصطناعي في تطوير بيئات العمل، تتصدر شركة IBM المشهد بنهج فريد أطلقت عليه اسم "العميل صفر" (Client Zero)، حيث تعتمد الشركة على اختبار تقنياتها داخل أنظمتها قبل طرحها للعملاء، ما يمنحها ميزة تنافسية في الموثوقية والجودة.
من خلال هذا النهج، تحوّل IBM عملياتها الداخلية إلى مختبر فعلي لتجربة حلولها السحابية والذكاء الاصطناعي والأتمتة، لتتأكد من كفاءة هذه الأدوات في بيئة تشغيل حقيقية على نطاق مؤسسي واسع.
ويؤكد الرئيس التنفيذي للشركة أرفيند كريشنا أن هذا التحول يعكس رؤية IBM في أن تصبح “أكثر مؤسسة إنتاجية في العالم”.
تحول رقمي شامل يقوده watsonx Orchestrate
يمثل watsonx Orchestrate قلب استراتيجية IBM للتحول الذكي، إذ يعمل كمنصة موحدة تجمع بين وكلاء الذكاء الاصطناعي والمساعدين الرقميين وأدوات البرمجة منخفضة الأكواد، ما يسمح للمؤسسات بأتمتة سير العمل وتسريع القرارات.
ويرتبط النظام بأكثر من 100 تطبيق مؤسسي ويضم مجموعة واسعة من الوكلاء الرقميين في مجالات الموارد البشرية والمبيعات وتكنولوجيا المعلومات والمشتريات.
وبحسب بيانات الشركة، ساهم هذا الحل في تحقيق مكاسب إنتاجية بقيمة 4.5 مليارات دولار بنهاية 2024، وتوفير 3.9 ملايين ساعة عمل وخفض 40% من الميزانية التشغيلية.
AskHR وAskIT: أذرع الذكاء الاصطناعي داخل IBM
قدّمت IBM حلولاً متقدمة مثل AskHR وAskIT، اللذين أحدثا نقلة نوعية في التعامل مع الاستفسارات والعمليات اليومية داخل الشركة.
فمن خلال التكامل مع watsonx Orchestrate، تمكن AskHR من التعامل مع 11.5 مليون تفاعل في عام 2024، احتُوي 94% منها داخل المنصة دون الحاجة لتدخل بشري مباشر.
أما AskIT فقد نجح في حل 80% من المشكلات التقنية الأكثر شيوعاً، مقدماً الدعم بأكثر من 40 لغة عبر أكثر من 200 موضوع تقني.
تؤكد الشركة أن هذه الأنظمة تتعلم باستمرار لتحسين جودة الاستجابة ودقة الأداء، مع خطط مستقبلية لإضافة “وكلاء ماليين” لتوسيع نطاق الأتمتة إلى العمليات المالية والإدارية.
ابتكار من الداخل: مشاركة الموظفين في الثورة الرقمية
لم يقتصر نهج “العميل صفر” على الجانب التقني فحسب، بل امتد ليشمل تحفيز الإبداع الداخلي.
فقد أطلقت IBM تحدي watsonx 2025 الذي شارك فيه أكثر من 170 ألف موظف لتجربة أدوات الذكاء الاصطناعي الخاصة بالشركة وتقديم مقترحات لتحسين الأداء اليومي.
كما تعتمد الشركة على نماذج لغوية صغيرة ومتخصصة مدرَّبة على بيانات مؤسسية دقيقة، لتقليل مخاطر الأخطاء وتعزيز موثوقية مخرجات الذكاء الاصطناعي مقارنة بالنماذج العملاقة العامة.
اتجاه عالمي نحو الأتمتة الذكية
وفق تقرير معهد IBM لقيمة الأعمال (IBV)، يعتبر 80% من التنفيذيين حول العالم أن أتمتة العمليات المؤسسية تمثل أولوية استراتيجية، بينما يرى 86% أن وكلاء الذكاء الاصطناعي سيعززون كفاءة سير العمل بحلول عام 2027.
ويتوقع التقرير تحسناً عالمياً في الإنتاجية بنسبة 35% في الموارد البشرية، و50% في رضا العملاء، و24% في دقة التنبؤ المالي خلال السنوات المقبلة.
شراكة استراتيجية مع السعودية
وفي إطار دعم التحول الرقمي في المنطقة، عززت IBM تعاونها مع السعودية عبر سلسلة من الاتفاقات في عام 2024، أبرزها شراكة مع طيران الرياض لتطوير مؤسسة قائمة على الذكاء الاصطناعي لتحسين تجربة العملاء والموظفين.
كما أعلنت الشركة عن استثمار يفوق 200 مليون دولار لإنشاء مختبر برمجيات متطور في الرياض، يهدف إلى تسريع الابتكار الرقمي وتطوير الحلول القائمة على البيانات والذكاء الاصطناعي، بما في ذلك التطبيقات الخاصة بالاستدامة.
وفي تعاون نوعي مع الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)، أطلقت IBM نموذج الذكاء الاصطناعي اللغوي العربي “علام” عبر منصة Watsonx، ليشكل نقلة نوعية في دعم المحتوى العربي الذكي.
خارطة طريق للمستقبل
تؤكد تجربة IBM أن التحول بالذكاء الاصطناعي لا يقتصر على تبنّي أدوات جديدة، بل على إعادة تعريف طريقة العمل وتفاعل الإنسان مع التقنية.
ويمثل نهج “العميل صفر” نموذجاً عملياً يمكن أن تحتذي به المؤسسات والحكومات، خصوصاً في السعودية، التي تسير بخطى متسارعة نحو تعزيز اقتصادها الرقمي وقيادة موجة الابتكار في المنطقة عبر تطبيقات الذكاء الاصطناعي المتقدمة.