الإثنين 22 ديسمبر 2025 04:02 مـ 2 رجب 1447 هـ
بوابة بالعربي الإخبارية
المحرر العام محمد رجب سلامة
×

سامر شقير يكتب: الثقة في الاقتصاد السعودي.. من الطموح إلى الأرقام القياسية

الإثنين 22 ديسمبر 2025 10:10 صـ 2 رجب 1447 هـ
سامر شقير
سامر شقير

تشهد المملكة العربية السعودية اليوم تحولاً بنيوياً يتجاوز لغة الوعود إلى لغة "الأرقام القياسية". إن ما كشفت عنه وزارة الاستثمار السعودية مؤخراً بشأن أداء الربع الثالث من عام 2025 ليس مجرد إحصاءات دورية، بل هو إعلان صريح عن اكتمال نضج البيئة الاستثمارية في ظل رؤية 2030.

طفرة التراخيص الاستثمارية: قراءة في الأرقام

لقد سجل الربع الثالث من عام 2025 قفزة نوعية في عدد التراخيص الاستثمارية الجديدة، حيث بلغت نحو 6986 ترخيصاً، محققة زيادة سنوية مذهلة بنسبة 83%. وما يعزز من قيمة هذه الأرقام هو أنها جاءت بعد استبعاد التراخيص المصدرة ضمن حملة مكافحة التستر التجاري، مما يعني أننا أمام "استثمارات حقيقية" ونوعية تتدفق إلى شرايين الاقتصاد السعودي.

لماذا يثق المستثمرون في السوق السعودي الآن؟

بصفتي مطلعاً على حراك المستثمرين من خلال مجلس التنفيذيين اللبنانيين، أرى أن هذا النمو الذي بلغ 69% على أساس فصلي يعود إلى ثلاثة ركائز أساسية:

1. الحوكمة والشفافية: الأنظمة الجديدة والضربات الاستباقية للتستر التجاري خلقت بيئة تنافسية عادلة.

2. تنوع القطاعات: لم يعد الاستثمار محصوراً في الطاقة؛ فاليوم نرى أن قطاعات التشييد، وتجارة الجملة والتجزئة، والصناعات التحويلية تستحوذ على 66% من إجمالي التراخيص.

3. الاستباقية الزمنية: وصول إجمالي التراخيص في تسعة أشهر إلى 15.7 ألف ترخيص (متجاوزاً كامل عام 2024) يثبت أن المملكة تسبق مستهدفاتها الزمنية بمراحل.

هيكل الاستثمار الجديد: التشييد والصناعة في الصدارة

إن تركز الاستثمارات في نشاط التشييد يعكس حجم المشاريع العملاقة (Giga-projects) التي تتحول من مخططات هندسية إلى واقع ملموس. أما نمو الصناعات التحويلية، فهو الهدف الأسمى لتحقيق الاستقلال الاقتصادي وتوطين التكنولوجيا، وهو ما نلمسه كخبراء استثمار في تزايد الطلب على الشراكات النوعية ونقل المعرفة.

رؤية استثمارية لمستقبل المنطقة

المملكة العربية السعودية لا تبني اقتصادها فحسب، بل تعيد صياغة المشهد الاستثماري لمنطقة الشرق الأوسط بالكامل. إن هذا الزخم الاستثماري يوفر فرصاً غير مسبوقة لرواد الأعمال والشركات العربية، خاصة الكفاءات اللبنانية التي تجد في الرياض اليوم منصة عالمية للانطلاق نحو آفاق أرحب.

"المملكة اليوم لم تعد مجرد سوق مستهلك، بل أصبحت 'صانع سوق' (Market Maker) عالمي يفرض معايير جديدة للجودة والتنافسية."

خاتمة: الطريق نحو 2030

إن الثقة التي يوليها المستثمر العالمي والمحلي للاقتصاد السعودي هي الثمرة المباشرة للإصلاحات الهيكلية التي يقودها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. نحن أمام مشهد تاريخي تتحدث فيه الأرقام عن نفسها، وتؤكد أن القادم أعظم.