تايلاند تدرس إعفاء واردات أمريكية لتفادي تصعيد تجاري

تعمل الحكومة التايلاندية على تكثيف جهودها لتخفيف تداعيات تصعيد تجاري محتمل مع الولايات المتحدة، عبر دراسة إعفاءات جديدة من الرسوم الجمركية على الواردات الأمريكية، في محاولة لتجنب مواجهة اقتصادية مباشرة مع واشنطن.
خطة دعم بقيمة 6.1 مليار دولار
أعلن وزير المالية التايلاندي بيتشاي تشونهواجيرا، خلال مشاركته في ندوة اقتصادية بالعاصمة بانكوك اليوم الإثنين، أن بلاده تستعد لإطلاق حزمة دعم مالي بقيمة 200 مليار بات تايلاندي (نحو 6.1 مليار دولار). وتهدف الحزمة إلى دعم القطاعات الأكثر عرضة لتأثير الرسوم الجمركية الأمريكية، من خلال قروض ميسرة وإجراءات لتعزيز صمود الاقتصاد المحلي.
يأتي هذا في وقت تتزايد فيه المخاوف من فرض الولايات المتحدة تعريفات جمركية تصل إلى 36% على الصادرات التايلاندية، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق تجاري قبل الأول من أغسطس 2025.
جهود دبلوماسية ومخاوف اقتصادية
وأشار الوزير إلى أن بانكوك تكثف تحركاتها الدبلوماسية والتجارية مع واشنطن لتفادي التصعيد، مؤكداً أن بلاده حريصة على حماية مصالحها التجارية والحفاظ على بيئة مستقرة للمستثمرين المحليين والدوليين.
من جانبه، كشف بنك تايلاند أن حالة عدم اليقين المحيطة بالعلاقات التجارية مع الولايات المتحدة تمثل تحدياً كبيراً للنمو الاقتصادي في البلاد. وتوقّع البنك نمو الاقتصاد التايلاندي بأقل من 2% خلال الـ18 شهراً المقبلة، مرجعاً ذلك إلى الضغوط الناتجة عن السياسة الحمائية الأميركية.
تراجع متوقع في الصادرات
في أحدث توقعاته، أشار البنك المركزي إلى أن الصادرات التايلاندية، التي تشكل المحرك الأساسي للاقتصاد، قد تنكمش بنسبة 4% على أساس سنوي خلال النصف الثاني من عام 2025، متأثرة بالرسوم الأميركية المرتقبة.
الولايات المتحدة كانت أكبر سوق للصادرات التايلاندية في العام الماضي، مستحوذة على 18.3% من إجمالي الشحنات بقيمة 55 مليار دولار.
وتتوقع واشنطن أن يصل العجز التجاري مع تايلاند إلى 45.6 مليار دولار في عام 2024، وهو ما يبرر، من وجهة نظرها، فرض رسوم جديدة على السلع التايلاندية.
ارتفاع مؤقت في الصادرات قبل التجميد
ورغم هذه التحديات، أظهرت بيانات وزارة التجارة التايلاندية أن الصادرات ارتفعت بنسبة 14.9% خلال أول 5 أشهر من 2025، مدفوعة بتسارع عمليات الشحن قبيل انتهاء فترة التجميد الجمركي المؤقت التي استمرت 90 يوماً.
لكن التوقعات المستقبلية أكثر تشاؤماً، حيث خفضت شركات الشحن تقديراتها لنمو الصادرات إلى نطاق يتراوح بين 0% و1% فقط هذا العام، مقارنة بالتوقعات السابقة التي تراوحت بين 1% و3%.
السياسة النقدية محدودة الأثر
وفي السياق ذاته، أظهرت محاضر اجتماع السياسة النقدية للبنك المركزي التايلاندي، الذي عقد في 25 يونيو، أن الاقتصاد المحلي يواجه ضغوطاً معقدة ومتعددة المصادر، فيما تبقى أدوات السياسة النقدية غير كافية وحدها لمعالجة هذه التحديات دون دعم من السياسات المالية والهيكلية.
ويبدو أن تايلاند أمام تحدٍّ مزدوج: احتواء تداعيات تجارية خارجية متصاعدة، وتعزيز مرونة اقتصادها داخلياً، في وقت لم يعد فيه خيار الحياد متاحاً بالكامل في ظل التغيرات المتسارعة في المشهد التجاري العالمي.