الجمعة 29 أغسطس 2025 12:14 صـ 4 ربيع أول 1447 هـ
بوابة بالعربي الإخبارية
المحرر العام محمد رجب سلامة
×

سباق العمالقة في إدارة الثروات: كيف تُشكل ”الثلاثية الاستثمارية” خارطة الاقتصاد السعودي؟

الأربعاء 27 أغسطس 2025 09:13 صـ 3 ربيع أول 1447 هـ
سامر شقير
سامر شقير

في خضم التوسع غير المسبوق لـ رؤية 2030، يتحول المشهد المالي في المملكة إلى ساحة تنافس عالمية..

لم يعد الحديث مقتصرًا على الاكتتابات العامة أو سوق الأسهم التقليدي؛ بل إن الأدوات الأكثر تعقيدًا، مثل صناديق التحوط (Hedge Funds)، والصناديق المشتركة (Mutual Funds)، وصناديق الملكية الخاصة (Private Equity)، أصبحت القوة الدافعة وراء تدفقات رؤوس الأموال الكبرى.

لكن، لكل صندوق فلسفته ومخاطره وأهدافه.. متى تكون جاهزًا لـ "مغامرة" التحوط، ومتى تكتفي بـ "استقرار" الصندوق المشترك؟ هذا هو السؤال الذي يحتاج إلى تحليل منهجي.


أولاً: الصناديق المشتركة (Mutual Funds) – ديمقراطية الاستثمار والسيولة اليومية

تُعد الصناديق المشتركة هي "خط الدفاع الأول" للمستثمر الفردي، وفلسفتها بسيطة: تجميع المال للتنويع وتخفيف المخاطر.

وهي تختلف جذرياً عن شقيقيها بأنها متاحة للجميع، بغض النظر عن حجم الثروة، وتتسم باستراتيجية مُحافظة ووقائية، تركز على توزيع الأصول بين أسهم وسندات بهدف النمو المستقر، لا النمو السريع.

هذا ما يجعل صناديق البنوك الاستثمارية الكبرى في السوق السعودي (مثل الأهلي والإنماء) هي الأداة الأنسب لغالبية المواطنين والمقيمين.

أما الميزة الأبرز فهي السيولة العالية جدًا، حيث يمكن بيع الوحدات واسترداد قيمتها في أي يوم عمل، مما يجعلها الخيار الأمثل لمن يحتاج سهولة الوصول لمدخراته برسوم منخفضة نسبيًا (عادة 1-2% من الأصول المُدارة).

ثانياً: صناديق التحوط (Hedge Funds) – الأداء المُطلق والمخاطرة المُحسوبة

صناديق التحوط، أو الـ Hedge Funds، هي النقيض التام، فهي مصممة لتحقيق عائد مُطلق بغض النظر عن حالة السوق (صاعد أم هابط).

إنها أشبه بوحدة كوماندوز مالية: تستخدم أدوات متقدمة جدًا مثل الاقتراض (Leverage) والمشتقات وتحمل مخاطر هائلة، ولذلك فإن دخولها يقتصر على الأثرياء فقط والمؤسسات الكبرى (Accredited Investors).

تظهر هذه الاستثمارات في المملكة عبر إدارات الثروات الخاصة في بيوت مثل جدوى كابيتال، كما يخصص صندوق الاستثمارات العامة (PIF) استثمارات ضخمة لها عالمياً، للاستفادة من استراتيجياتها الهجومية التي تشمل البيع على المكشوف والمراجحة (Arbitrage).

وتنعكس هذه الطموحات في هيكل الرسوم المعروف بـ "2 و 20"، مقابل سيولة منخفضة تتطلب التزامًا بفترات حجز (Lock-up Periods) لضمان تنفيذ الاستراتيجيات المعقدة والطويلة.


ثالثاً: صناديق الملكية الخاصة (Private Equity) – عمالقة الاستحواذ وصناعة القيمة

الـ Private Equity هي أثقل وأطول هذه الاستثمارات.. هي ليست استثماراً في أسهم؛ بل هي شراء للشركات الخاصة بهدف السيطرة والإدارة والتطوير على مدى طويل يتراوح بين 5 إلى 10 سنوات، وتنتهي بـ IPO أو البيع لمستثمر استراتيجي.

هذا النوع من الاستثمار لا يناسب سوى المؤسسات الضخمة (مثل صناديق التقاعد والبنوك الاستثمارية) والأفراد فاحشي الثراء، ويصنف كاستثمار "بديل".

محليًا، يُعد صندوق الاستثمارات العامة (PIF) هو أكبر لاعب في هذا المجال، حيث يستحوذ على شركات ويطور قطاعات بأكملها لتتوافق مع رؤية 2030.

تتسم هذه الصناديق بـ سيولة شبه معدومة، حيث تكون الأموال محجوزة تمامًا، فالأمر يتطلب صبراً استثمارياً لأن العائد يأتي فقط عند "التخارج" من الصفقة، مما يجعلها أداة النمو التحويلي للمؤسسات التي لديها أفق زمني طويل جدًا.


الفصل في قرار الاستثمار


في السوق السعودي، ومع تزايد الخيارات التي توفرها شركات إدارة الأصول، يجب على المستثمر أن يسأل نفسه بوضوح:

هل أحتاج لسيولة أسبوعية؟ (اختر: الصناديق المشتركة).

هل يمكنني حجز أموالي لسبع سنوات؟ (اذهب نحو: الملكية الخاصة).

هل أنا مستثمر مؤهل ومتحمل لمخاطر الاقتراض؟ (اختر: صناديق التحوط).

إن فهم هذه الفروقات هو الخطوة الأولى لتحديد بوصلة رأس مالك في رحلة التوسع الاقتصادي التي تمر بها المملكة اليوم.