الخميس 28 أغسطس 2025 05:18 مـ 4 ربيع أول 1447 هـ
بوابة بالعربي الإخبارية
المحرر العام محمد رجب سلامة
×

بناء المحافظ العقارية: تحليل استراتيجي لأدوات الاستثمار في السوق السعودي

الإثنين 25 أغسطس 2025 11:42 صـ 1 ربيع أول 1447 هـ
سامر شقير
سامر شقير

في عالم إدارة الثروات، لا يكفي أن تُكتشف الفرص الواعدة، الذكاء الاستثماري الحقيقي يكمن في القدرة على تحويل هذه الفرص إلى أدوات فاعلة ضمن هيكل محفظة متوازن يخدم الأهداف طويلة الأجل.

نموذج "العقار كخدمة" في السوق السعودي لا يُعد مجرد طرح عصري، بل هو انعكاس لتحوّل عميق في بنية التفكير العقاري وتوجّه الاستخدام، ومع ذلك، فإن إدراك هذه الفرصة لا يُشكّل سوى الخطوة الأولى.

التحدي الفعلي يبدأ عند اختيار الأداة الاستثمارية القادرة على تحويل هذه الفكرة إلى قيمة حقيقية ومستدامة، ضمن طيف الأدوات المتاحة، تبرز صناديق الاستثمار العقاري المتداولة (REITs) كحلقة وصل بين الأصول العقارية والأسواق المالية.

فرغم استنادها إلى أصول حقيقية، فإن أداءها يتأثر بدرجة عالية بمزاج السوق العام، ما يمنحها سيولة مرتفعة ولكن أيضًا تقلبات تتجاوز أحيانًا الأداء الفعلي لتلك الأصول. هذه الصناديق قد تشكل خيارًا مناسبًا لمن يبحث عن تدفقات نقدية دورية دون التفريط الكامل في السيولة، مع الإلمام بما تحمله من تقلبات مرتبطة بطبيعة السوق.

أما الصناديق العقارية الخاصة، فتوفر مساحة أوسع للابتكار وتحقيق ما يُعرف بالـ"ألفا" عبر التطوير أو إعادة الهيكلة، العوائد هنا لا ترتبط بحركة السوق بل بكفاءة الإدارة، ما يجعلها أقل تأثرًا بالتقلبات العامة، غير أن هذه الأداة تتطلب التزامًا طويل الأمد وسيولة منخفضة، في مقابل علاوة تعكس هذه التضحية – ما يُعرف بـ"علاوة عدم السيولة"، وهي ملائمة للمستثمر الذي يملك نظرة استراتيجية وخبرة كافية للتعامل مع الفرص النوعية.

في المقابل، يمثل الاستثمار المباشر في العقار نهجًا أكثر تركيزًا وتحكمًا، امتلاك الأصل بالكامل يمنح المستثمر السيطرة الكاملة، لكنه يتطلب تفرغًا، ومعرفة تقنية، وقدرة على إدارة المخاطر غير المنهجية المرتبطة بمشروع واحد. إنها استراتيجية قد تتيح أعلى العوائد، لكنها أيضًا تحمل أكبر قدر من التحديات.

من هنا، لا يجب النظر إلى هذه الأدوات كمنافسين، بل كعناصر تكاملية داخل استراتيجية توزيع أصول شاملة.


التنويع المدروس فيما بينها، بناءً على أهداف المستثمر ودرجة تحمّله للمخاطر والسيولة، هو ما يُنتج محفظة عقارية متماسكة.

في نهاية المطاف، لا يتمحور السؤال حول الأداة الأفضل، بل حول كيفية توظيف مزيج متكامل من الأدوات لبناء هيكل استثماري يخدم الرؤية الشاملة للمستثمر. الثروة الحقيقية لا تُبنى من رهان واحد، بل من استراتيجية دقيقة تعي تنوّع الفرص، وتُحسن استخدام أدواتها بذكاء ومرونة.