الخميس 23 أكتوبر 2025 12:52 صـ 29 ربيع آخر 1447 هـ
بوابة بالعربي الإخبارية
المحرر العام محمد رجب سلامة
×

جين فريزر ولبنى العليان.. لغة جديدة بين الرياض وواشنطن

الأربعاء 22 أكتوبر 2025 10:55 صـ 29 ربيع آخر 1447 هـ
سامر شقير
سامر شقير
أحبّ الأخبار التي لا تكتفي بإعلان منصب جديد، بل تفتح بابًا للتفكير في ما هو أبعد من ذلك.

حين قرأت خبر تعيين جين فريزر، الرئيسة التنفيذية لـ«سيتي غروب»، ولبنى العليان، رئيسة مجلس إدارة مجموعة العليان، كرئيستين مشاركتين لمجلس الأعمال الأميركي – السعودي، شعرت أن هذا ليس مجرد تحديث في قائمة الأسماء، بل لحظة رمزية لمرحلة جديدة من العلاقات بين بلدين لطالما كان بينهما الكثير من المصالح… والاختلافات أيضًا.


لغة مختلفة للاقتصاد

فما الذي يعنيه أن تتشارك امرأتان في قيادة هذا المجلس بالذات؟

يعني أولًا أن الاقتصاد صار يتحدث لغة مختلفة — لغة لا تُقصي أحدًا، بل تجمع الخبرة العالمية بالرؤية المحلية، رأس المال بالعلاقات الإنسانية، والأرقام بالقصص.


خبرة عالمية ورؤية محلية

جين فريزر ليست غريبة عن العالم المالي الصعب؛ فهي أول امرأة تقود بنكًا أميركيًا بهذا الحجم، وتعرف كيف توازن بين المخاطرة والحذر.
أما لبنى العليان، فهي واحدة من أكثر الشخصيات تأثيرًا في المشهد الاقتصادي السعودي، تمثل جيلًا جديدًا من القيادة التي تؤمن بالتغيير من الداخل، لا من الشعارات.

أن تجتمعا في موقع واحد، فذلك يعني أن الحوار الاقتصادي بين واشنطن والرياض أصبح أكثر توازنًا ونضجًا وصدقًا.


السعودية الجديدة وثقة المؤسسات العالمية

وربما الأجمل في القصة أن هذا التعيين لا يأتي في فراغ.
فالسعودية اليوم لم تعد فقط سوقًا ضخمة تستقبل الاستثمارات، بل بيئة تصنعها وتعيد تشكيلها وفقًا لرؤية واضحة.
يكفي أن نذكر أن «سيتي غروب» حصلت العام الماضي على ترخيص لإنشاء مقرها الإقليمي في المملكة — خطوة لم تكن لتحدث لولا التحول الكبير في مناخ الأعمال وثقة المؤسسات العالمية في مستقبل الاقتصاد السعودي.


البعد الإنساني في العلاقات الاقتصادية

لكن ما يميز هذا الخبر، في رأيي، هو ما يحمله من بعد إنساني.
امرأتان في موقع القيادة ليستا فقط رمزًا لتمكين المرأة، بل أيضًا لتجسيد فكرة أن العلاقات بين الدول لم تعد محصورة في الاتفاقيات والصفقات، بل في القدرة على بناء جسور من الفهم والاحترام بين الثقافات.


اقتصاد له قلب

الاقتصاد، في نهاية المطاف، ليس أرقامًا جامدة. إنه حكاية عن الطموح، والفرص، والتعاون.
ولعل هذا التعيين تحديدًا يكتب سطرًا جديدًا في تلك الحكاية — سطرًا فيه مزيج من الذكاء والجرأة، ومن الحضور النسائي الذي لا يطلب الاعتراف، بل يصنعه.


وجهة نظر شخصية

كمتابع للشأن الاقتصادي، أرى في هذا التعيين أكثر من مجرد خبر.
إنه تذكير بأن العالم يتغير حين تُفتح الأبواب للأصوات المختلفة، وحين يُمنح القرار لمن يعرف أن الاقتصاد لا يعيش في جداول البيانات فقط، بل في نبض الناس وطموحاتهم.


جين فريزر ولبنى العليان لا تمثلان شركتين فحسب، بل تمثلان لحظة نادرة يتقاطع فيها العقل المالي مع الحس الإنساني — لحظة تقول لنا إن المستقبل قد بدأ بالفعل، فقط علينا أن نكون مستعدين للاستماع إلى لغته الجديدة.