الإثنين 27 أكتوبر 2025 10:56 مـ 5 جمادى أول 1447 هـ
بوابة بالعربي الإخبارية
المحرر العام محمد رجب سلامة
×

نحو حماية دستورية للنظام الفيدرالي للعراق

الإثنين 27 أكتوبر 2025 12:56 مـ 5 جمادى أول 1447 هـ
شيركو حبيب
شيركو حبيب

يظل الالتزام بالدستور وتطبيق مواده كاملة دون انتقاص ضمانة أساسية لحماية النظام الفيدرالي العراقي واستقرار البلد متعدد القوميات والأعراق والأديان والمذاهب.

غاية الحديث عن ذلك، بينما الانتخابات النيابية انطلقت وسط جدل كبير حول أداء المتنافسين فيها وكذلك المفوضية المشرفة عليها والنظام الانتخابي ذاته، فلا عادة قديمة منذ صياغة الدستور قبل عقدين، تخلص منها العراق حتى اللحظة بعد نتائج كل انتخابات برلمانية، من الاعتراف الكامل للقوى السياسية بنتائجها واعتماد ما تم التوافق عليه سلفا من قسمة الرئاسات الثلاث في الحكم وتوزيع الحقائب الوزارية حسب قوة كل حزب وما حصده من مقاعد.

نعرف جميعا أن الدستور هو عقد بين الشعب و السلطة، يقنن الحقوق والواجبات وهو المصدر الأسمى لتشريع القوانين فلا يخالف أحدها مواده، وهو ضمانة لاستقرار البلد وحماية حقوق مواطنيه كافة، ويقول فقهاء القانون إن "الدستور هو القانون الأعلى للدولة، وهو مجموعة القواعد الأساسية التي تحدد شكل الدولة ونظام الحكم والسلطات العامة، التشريعية والتنفيذية والقضائية"، كما ينظم الدستور علاقات هذه السلطات فيما بينها وبين الأفراد، ويحدد الحقوق والواجبات الأساسية للمواطنين، أو بعبارة أخرى، هو الوثيقة التي تضع الإطار القانوني للدولة وتضمن الحقوق وتحميها،
و الدستور هو القانون الأعلى في الدولة لا يعلوه قانون آخر.

وفي العراق، تم التصويت على الدستور في ٢٥ أكتوبر ٢٠٠٥ بأكثرية الأصوات وأصبح واجب التنفيذ، ولكن مع الأسف، و لمرور البلد ببعض الأحداث غير المتوقعة، أصبحت تلك الحالات الطارئة حجة للبعض الذين لم يكونوا بالأساس راغبين في الالتزام بالدستور، ما خلق حالة من عدم التوافق بين مكونات العراق وخاصة الكورد و الحكومة من جهة، و السنة و الحكومة أيضا من جهة أخرى ، و عدم الالتزام بالدستور وتنفيذ بنوده أدى إلى مالم يحمد عقباه، من هجوم تنظيم داعش الإرهابي على العراق، و تصرف المليشيات الموالية لهذه الدولة الخارجية و تلك الدولة المجاورة، و عدم إعطاء كل ذي حق حقه، ونذكر في ذلك موقف مناطق المادة ١٤٠ من الدستور المتنازع عليها بين إقليم كوردستان و الحكومة في بغداد، فعدم الالتزام ببنود الدستور مثل المادة ١٤٠ والامتناع عن إصدار قانون النفط و الغاز و المجلس الفدرالي، و تعويض ضحايا النظام السابق وخاصة الكورد من الجرائم التي ارتبكت بحقهم، أدى إلى مشاكل عديدة بين مكونات العراق.

ومن المهام الأساسية لمجلس النواب العراقي بعد الانتخابات التشريعية المزمع عقدها في ١١ شهر نوفمبر المقبل، مواجهة هذه الأزمات المؤجلة، وهو أمر صعب جدا، لكن العراقيين الغيورين على استقرار الوطن يتمنون الالتزام بمواد الدستور و بناء دولة مدنية حضارية تتسع للجميع، الكل فيها سواسية أمام قانون عادل مطابق للدستور، والكل مشارك في الحكم.
وينتظر العراقيون بفارغ الصبر أن يشهد العراق بعيدا عن النعرات الطائفية و المذهبية ما يجعله يواكب التقدم الحاصل في العالم كله، أي أن الالتزام بالدستور ليس لمصلحة جهة أو فئة، بل مصلحة وطنية جامعة.

والدستور العراقي منذ العام ٢٠٠٥ وضع محددات دولة فدرالية برلمانية اتحادية، دون وجود تطبيق حقيقي لذلك، فأصبحت المادة الدستورية في خبر كان، وهناك من يفسرها لخدمة أجندات ضد مصالح العراق ومواطنيه، يعني أن مجلس النواب المنتخب بدورته السادسة عليه العمل بجدية على تنفيذ مواد الدستور و مراقبة الحكومة، حماية لبقاء عراق موحد ديمقراطي، فالانتخابات هي آلية ديمقراطية لا تنتهي بفرز الأصوات وإعلان النتائج، بل تبدأ بالعمل بالدستور والوفاء بالالتزامات الواردة في نصوصه، صونا لحقوق وحريات تتكامل عبر تطبيق حي لها، بتشريعات لا طعن فيها أو عليها، وإلا بقينا في دائرة مفرغة لا طائل مع الدوران فيها من أية عملية سياسية أو انتخابية، وبقى العراق على حاله، ومكوناته على أوضاعهم وأزماتهم، ومن هنا يؤكد الحزب الديمقراطي الكوردستاني وزعيمه مسعود بارزاني على الالتزام بالدستور خدمة للجميع وبناء دولة مدنية اتحادية.

الأراء الواردة بالمقال تعبر عن رأي كاتبها فقط، وبوابة بالعربي الإخبارية غير مسؤولة عنها نهائيا