4000 جنيه للطن.. انخفاض ملحوظ في أسعار الأسمنت خلال شهر بدعم حكومي

شهدت سوق الأسمنت المصرية تراجعاً ملحوظاً في الأسعار خلال الشهر الماضي، حيث هبط سعر الطن بنسبة 25% ليصل إلى نحو 4000 جنيه، بعد موجة ارتفاعات متتالية في الأشهر السابقة.
ويأتي هذا الانخفاض نتيجة اتفاق بين الحكومة وشركات الأسمنت على زيادة المعروض لتلبية الطلب المحلي المتزايد وتعزيز الصادرات.
وأوضح أحمد الزيني، رئيس شعبة مواد البناء باتحاد الغرف التجارية، في تصريحات صحفية، أن الانخفاض الأخير في الأسعار جاء بعد تدخل حكومي مباشر، إذ اجتمع وزير الصناعة كامل الوزير مع ممثلي الشركات، وتم الاتفاق على ضخ كميات كبيرة من الأسمنت في السوق وخفض الأسعار.
الحكومة تُجمّد خفض الإنتاج وتدعم إعادة تشغيل المصانع
في وقت سابق من هذا العام، أوقفت الحكومة العمل بقرار خفض الطاقة الإنتاجية لمصانع الأسمنت لأجل غير مسمى، وذلك بعد تعليق استمر شهرين في مايو ويونيو. الهدف كان كبح الارتفاعات السعرية عبر زيادة المعروض المحلي.
وتتوقع الجهات المعنية أن يستمر تراجع الأسعار خلال الأشهر المقبلة، مع بدء إعادة تشغيل عدد من خطوط الإنتاج المتوقفة في بعض المصانع.
أحمد شيرين كريم، رئيس شعبة الأسمنت باتحاد الصناعات، أشار إلى أن العمل جارٍ على إعادة تشغيل تلك الخطوط بالتعاون مع وزارة الصناعة، في خطوة تهدف إلى تحقيق توازن في السوق وخفض الأسعار.
قطاع الإنتاج والتصدير في أرقام
تضم السوق المصرية 23 شركة أسمنت تدير 46 خط إنتاج، بطاقة مرخصة تبلغ 76 مليون طن سنوياً، بينما تبلغ الطاقة الفعلية نحو 85 مليون طن. ورغم هذا الفائض في الطاقة، لا يتجاوز الاستهلاك المحلي 47 مليون طن سنوياً.
في المقابل، شهدت الصادرات قفزة كبيرة هذا العام، لتصل إلى نحو 20 مليون طن في 2024، مقارنة بـ13.4 مليون طن في العام السابق.
ويتوقع هاني جنينة، رئيس قطاع البحوث في شركة "الأهلي فاروس"، أن تتراجع أسعار الأسمنت محلياً إلى ما بين 65 و70 دولاراً للطن (ما يعادل 3250 إلى 3500 جنيه وفق سعر صرف 50 جنيهاً للدولار)، مقارنة بـ80 دولاراً حالياً.
واعتبر جنينة أن هذا المستوى السعري "جيد من حيث الربحية"، لا سيما مع عودة خطوط الإنتاج المتوقفة واستثمارات الشركات في رفع الكفاءة التشغيلية.
إلغاء نظام الحصص الإنتاجية يعيد التوازن
من العوامل المؤثرة في التراجع أيضاً إلغاء الحكومة لنظام الحصص الذي كان يحدّ من إنتاج المصانع. وكان النظام قد طُبق في يوليو 2021 بقرار من جهاز حماية المنافسة للحد من الخسائر الناتجة عن فائض الإنتاج، حيث تم توزيع الحصص على أساس الطاقة التصميمية وخطوط الإنتاج.
ومع تحسن الطلب وتعافي الصادرات، سمحت الحكومة أخيراً بعودة المصانع للعمل بكامل طاقتها، مع فرض ضوابط على الكميات المخصصة للتصدير.
انتعاش "بناء الأهالي" يعيد الطلب المحلي
استعاد السوق المحلي زخمه بعد إطلاق الحكومة منظومة جديدة لتراخيص البناء والتصالح على المخالفات، ما ساهم في عودة أعمال البناء الفردية، خاصة في المناطق الريفية.
ويُعرف هذا النشاط بظاهرة "بناء الأهالي"، التي عادت تدريجياً بعد وقف جزئي للبناء استمر منذ 2020.
دعم حكومي وتشغيلي لخطوط الإنتاج المتوقفة
في سياق متصل، تعمل وزارة الصناعة على تقديم دعم فني وتشغيلي لتسعة خطوط إنتاج متوقفة، عبر التنسيق المباشر مع الشركات لتحديد التحديات ووضع حلول لإعادة التشغيل.
ويُقدّر المحلل المالي آدم خليل أن الطاقة التشغيلية الحقيقية للمصانع حالياً تصل إلى 75 مليون طن سنوياً، من أصل 85 مليوناً مرخصة، مشيراً إلى أن الفارق يعود لتقادم بعض المعدات وخروج خطوط من الخدمة.
الأسعار المحلية لا تزال أعلى من التصدير
ورغم التراجع، تبقى الأسعار المحلية مرتفعة مقارنة بالتصدير، بمتوسط 60%، حيث تصدر الشركات الطن المعبأ بأسعار تتراوح بين 45 و60 دولاراً، في حين يُباع محلياً بنحو 80 دولاراً.
ويتوقع خليل أن تنخفض الأسعار داخل السوق المصرية بنحو 400 إلى 500 جنيه إضافية خلال ما تبقى من عام 2025، مع زيادة الإنتاج وتحقيق توازن بين السوقين المحلي والخارجي.