الثلاثاء 12 أغسطس 2025 07:02 صـ 17 صفر 1447 هـ
بوابة بالعربي الإخبارية
المحرر العام محمد رجب سلامة
×

فوضى تجارية بنكهة أمريكية.. الرسوم الجمركية تدخل حيز التنفيذ والعالم يترقب التداعيات

الخميس 7 أغسطس 2025 01:02 مـ 12 صفر 1447 هـ
الرئيس الأمريكي
الرئيس الأمريكي

دخلت حزمة الرسوم الجمركية الجديدة التي أقرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حيز التنفيذ رسميًا منتصف ليل الخميس في نيويورك، في خطوة تُعد الأوسع من نوعها منذ عقود، ضمن سعي ترامب لإعادة تشكيل النظام التجاري العالمي عبر سياسات حمائية غير مسبوقة.

وبحسب تقديرات "بلومبرغ إيكونوميكس"، قفز متوسط التعرفة الجمركية الأمريكية إلى 15.2%، مقابل 2.3% فقط في العام الماضي، لتسجل أعلى مستوى لها منذ الحرب العالمية الثانية، في ظل تبنٍ واضح لنهج تجاري أكثر تشددًا.

قبول دولي متفاوت ومفاوضات مستمرة

ورغم الضغوط الأمريكية، قبلت دول مثل الاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية برسوم جمركية بنسبة 15% على صادراتها إلى الولايات المتحدة، خصوصًا السيارات، تفاديًا لرسوم أعلى كانت ستصل إلى 25%.

بالمقابل، فشلت دول أخرى، مثل سويسرا والهند، في انتزاع استثناءات، إذ فرضت واشنطن رسومًا وصلت إلى 50% على الواردات الهندية، في ظل خلافات حول واردات الطاقة الروسية.

وتجري حاليًا مفاوضات منفصلة مع المكسيك وكندا والصين حول حزم جمركية جديدة، فيما ألمح ترامب إلى فرض رسوم إضافية قريبًا تستهدف قطاعات حيوية كالصناعات الدوائية وأشباه الموصلات.

تأثيرات اقتصادية محتملة

حتى الآن، لم تظهر تداعيات واضحة على المستهلكين أو الأسعار، إذ امتصت الشركات جزءًا كبيرًا من التكاليف، لكن الخبراء يحذرون من أن التأثير سيتزايد مع مرور الوقت.

وتشير بيانات يوليو إلى أول مراجعة هبوطية في نمو الوظائف منذ جائحة كوفيد-19، إضافة إلى تباطؤ في نمو الاقتصاد الأمريكي مع تراجع الإنفاق الاستهلاكي وتباطؤ وتيرة التصنيع.

وحذّرت ويندي كاتلر، نائبة رئيس معهد آسيا للسياسات، من أن ارتفاع الأسعار قد يكون حتميًا، قائلة: "العديد من الشركات خزّنت بضائع قبل بدء تطبيق الرسوم، لكنها لن تتمكن من تحمّل تآكل هوامش الربح على المدى الطويل".

غموض في الخطة.. وقلق في الأسواق

لا تزال تفاصيل رئيسية في خطة ترامب غير واضحة، أبرزها مصير التخفيضات الجمركية المؤقتة لبعض الدول، والالتزامات الاستثمارية التي تم التفاوض بشأنها.

هذا الغموض زاد من مخاوف الأسواق، حيث توقعت بنوك كبرى مثل "مورغان ستانلي" و"دويتشه بنك" تراجعًا وشيكًا في مؤشر "S\&P 500" نتيجة الضبابية المحيطة بالسياسات التجارية والتباطؤ الاقتصادي.

وفيما أبدت العديد من الدول استعدادًا لضخ استثمارات ضخمة في السوق الأمريكية مقابل خفض الرسوم، لم يتم الإعلان بعد عن اتفاقيات نهائية تشمل فتح الأسواق أو تقليص العجز التجاري.

دعم داخلي محدود وتشكيك قانوني

في الداخل الأمريكي، تواجه قرارات ترامب الجمركية معارضة واسعة. فقد أظهر استطلاع أجرته "فوكس نيوز" أن 62% من الناخبين لا يؤيدون تعامله مع ملف الرسوم الجمركية، فيما عبّر 55% عن عدم رضاهم عن أدائه الاقتصادي عمومًا.

ويخضع استخدام ترامب لصلاحيات الطوارئ في فرض الرسوم للطعن القانوني، بينما يستند إلى قوانين أكثر صلابة حين يتعلق الأمر بفرض رسوم على قطاعات محددة مثل السيارات والمعادن.

ويرى خبراء قانون أن قدرة الإدارة على تنفيذ هذه الإجراءات قد تكون موضع شك، رغم تأكيد ترامب على أن الرسوم ستقود إلى نهضة اقتصادية جديدة، بل وأقال رئيس هيئة الإحصاءات عقب نشر بيانات وظائف لا تتماشى مع خطابه المتفائل.

إيرادات قياسية.. لكن الهدف محل جدل

بلغت عائدات الرسوم الجمركية رقماً قياسيًا عند 113 مليار دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2025، بحسب بيانات وزارة الخزانة الأمريكية، ما دفع ترامب إلى طرح فكرة تعويض بعض الأمريكيين عبر شيكات مالية.

لكن محللين يشككون في إمكانية تحقيق هدف ترامب بإعادة التصنيع إلى الداخل الأمريكي. وقال البروفيسور براد جنسن من جامعة جورجتاون: "إذا ارتفع الإنتاج المحلي، فإن الواردات ستنخفض، ما يعني انخفاضًا في الإيرادات الجمركية. لا يمكن أن تتحقق الفكرتان في الوقت نفسه".