الأربعاء 16 يوليو 2025 09:39 مـ 20 محرّم 1447 هـ
بوابة بالعربي
المحرر العام محمد رجب سلامة
×

”ذا لاين” تحت التقييم.. والسعودية تعيد ترتيب أولويات ”رؤية 2030”

الأربعاء 16 يوليو 2025 10:53 صـ 20 محرّم 1447 هـ
مشروع ذا لاين
مشروع ذا لاين

طلبت جهات سعودية من عدد من الشركات الاستشارية إجراء مراجعة استراتيجية لمشروع "ذا لاين"، المدينة المستقبلية الممتدة بطول 170 كيلومتراً في إطار مشروع "نيوم"، وذلك ضمن مراجعة أوسع لأولويات الإنفاق الحكومي، بحسب مصادر مطلعة لـ"الشرق" رفضت الكشف عن هويتها نظراً لحساسية الملف.

وبحسب هذه المصادر، فإن وحدة تابعة لصندوق الاستثمارات العامة كلفت الشركات الاستشارية بدراسة الجدوى الاقتصادية والتشغيلية للمشروع، واقتراح بدائل محتملة قد تُساهم في تحسين فعاليته أو جدواه التجارية.

ورغم هذه الخطوة، أشارت المصادر إلى أن المشروع قد يستمر كما هو دون تغيير إذا لم تُفضِ المراجعة إلى تعديلات جوهرية، حيث إن أي تغيير سيحتاج موافقة الجهات العليا في صندوق الاستثمارات والحكومة السعودية.

"نيوم": المراجعات إجراء طبيعي في المشاريع الكبرى

من جهتها، أكدت "نيوم" أن المراجعات الاستراتيجية تُعد أمراً معتاداً في المشاريع العملاقة التي تمتد على مدار سنوات، مشددة على أن "ذا لاين" ما يزال يمثل أولوية ضمن خطة "نيوم"، وأن التركيز ينصب على تسريع وتيرة الإنجاز وتحسين الكفاءة التشغيلية، تماشياً مع رؤية المشروع وأهدافه المستقبلية.

وتأتي هذه المراجعة في وقت تشهد فيه المملكة ضغوطاً مالية متزايدة تدفعها لإعادة ترتيب أولوياتها ضمن "رؤية 2030"، خصوصاً في ظل انخفاض أسعار النفط، وتراجع وتيرة تدفقات الاستثمارات الأجنبية، والعجز المتواصل في الميزانية.

وتقدّر "بلومبرغ إيكونوميكس" أن السعودية تحتاج إلى سعر نفط يبلغ نحو 96 دولاراً للبرميل لتحقيق التوازن المالي، فيما يرتفع هذا الرقم إلى 113 دولاراً إذا احتُسب إنفاق صندوق الاستثمارات العامة على مشاريع الرؤية ضمن الميزانية الفعلية.

ويُتداول النفط حالياً بالقرب من 71 دولاراً، ما يُضيف مزيداً من الضغط على صانع القرار الاقتصادي في المملكة.

تحوّل المشروع إلى نموذج ربحي ضمن أهداف التقييم

ويأتي هذا التقييم عقب تعيين أيمن المديفر رئيساً تنفيذياً جديداً لمشروع "نيوم"، حيث تشمل مهامه الحالية استكشاف سبل تحويل "ذا لاين" إلى مشروع قابل للاستدامة والربحية التجارية، بحسب ما أشار إليه المطلعون على المراجعة.

وفي السياق ذاته، يواجه مشروع "سندالة"، أحد أوائل مشروعات "نيوم" والذي يركّز على السياحة الفاخرة، تأخيرات ملحوظة في التنفيذ، رغم إطلاقه في العام الماضي.

وذكرت المصادر أن المشروع يواجه تحديات تصميمية، إلا أن "نيوم" امتنعت عن التعليق على هذه المعلومات، كما لم يصدر أي رد من "صندوق الاستثمارات العامة" حتى الآن.

"ذا لاين": مشروع طموح تحت المراجعة

مشروع "ذا لاين" يُعد أحد أبرز عناصر خطة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لإعادة رسم مستقبل الاقتصاد السعودي ما بعد النفط، وهو جزء من خطة شاملة قيمتها تريليونا دولار. ويتميز المشروع بتصميمه الجريء كمدينة خطية خالية من السيارات والبنية التحتية التقليدية.

وكان من المستهدف أن يحتضن المشروع نحو 1.5 مليون نسمة بحلول عام 2030، لكن تقارير إعلامية، منها "بلومبرغ"، أشارت إلى أن الرقم قد تم تعديله مؤخراً ليقلّ عن 300 ألف نسمة في المرحلة الأولى.

ويتضمن التصميم الحالي عناصر طموحة، مثل إنشاء ملعب كرة قدم فوق ناطحة سحاب ضمن استعدادات السعودية لاستضافة كأس العالم 2034، ما يُبرز الطموح الهندسي والرمزي لهذا المشروع العملاق.

إشادة دولية بإعادة التوازن المالي

وتعكس هذه المراجعة توجهاً أوسع لدى الحكومة السعودية نحو ترشيد الإنفاق وتحديد أولويات أكثر دقة في تنفيذ المشاريع الضخمة.

وكان صندوق النقد الدولي قد رحّب مؤخراً بإجراءات المملكة لضبط الإنفاق على المشروعات الكبرى، واعتبرها خطوة إيجابية لتعزيز الاستدامة المالية على المدى الطويل.

وفي هذا السياق، علّق زياد داود، كبير الاقتصاديين لدى "بلومبرغ إيكونوميكس"، قائلاً: "ضبط الإيقاع المالي والحرص على الإنفاق المسؤول بات ضرورياً، خصوصاً في ظل الأحداث المقبلة مثل ألعاب الشتاء 2029، ومعرض إكسبو 2030، وكأس العالم 2034".

وأضاف أن المملكة التي كانت تُعد مُقرضاً عالمياً تحولت إلى دولة تعتمد على الاقتراض، ما يجعل المراجعات الاستراتيجية أكثر أهمية في الوقت الراهن.