الخميس 30 أكتوبر 2025 10:31 مـ 8 جمادى أول 1447 هـ
بوابة بالعربي الإخبارية
المحرر العام محمد رجب سلامة
×

من آبار النفط إلى خوارزميات المستقبل.. استثمارات خليجية تعيد رسم المشهد العالمي

الخميس 30 أكتوبر 2025 02:46 مـ 8 جمادى أول 1447 هـ
الذكاء الاصطناعي
الذكاء الاصطناعي

تتجه كبرى شركات الطاقة في الخليج العربي نحو تسخير عائدات النفط لتمويل التحول التكنولوجي في المنطقة، عبر استثمارات ضخمة في مجالات الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية الرقمية.

ففي السعودية، استحوذت شركة "أرامكو" على حصة أقلية مؤثرة في شركة "هيوماين" (Humain)، المتخصصة في الذكاء الاصطناعي والمملوكة لصندوق الاستثمارات العامة. أما في الإمارات، فتملك "شركة بترول أبوظبي الوطنية" (أدنوك) 49% من شركة "AIQ"، التي تطور تطبيقات الذكاء الاصطناعي باستخدام الحواسيب العملاقة، بينما تعود النسبة الباقية إلى شركة تابعة لـ"G42"، التي يرأسها الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان.رؤية حكومية لدعم التحول الرقمي

تعكس هذه التحركات دعماً حكومياً واسع النطاق لمبادرات الذكاء الاصطناعي في السعودية والإمارات، إذ تمثل عائدات النفط ركيزة أساسية لتمويل مشروعات التنويع الاقتصادي والتحول نحو اقتصاد معرفي.
وتشير التقديرات إلى أن شركتي أرامكو وأدنوك، وهما المصدران الرئيسيان للإيرادات في بلديهما، تضخان جزءاً كبيراً من فوائضهما المالية في صناديق سيادية تستثمر في قطاعات استراتيجية، أبرزها التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.

"هيوماين".. ذراع رقمية سعودية صاعدة

يُعد استحواذ أرامكو على حصة في "هيوماين" خطوة تعزز حضورها في قطاع التكنولوجيا المتقدمة.
ويقود الشركة طارق أمين، الرئيس التنفيذي السابق لـ"أرامكو ديجيتال"، إلى جانب عدد من القيادات التنفيذية السابقة في الشركة نفسها، بعد دمج كيانات حكومية مثل "الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي" و"الشركة السعودية للذكاء الاصطناعي" ضمن الكيان الجديد، ما منح "هيوماين" دوراً محورياً في رسم ملامح توجه المملكة في هذا المجال.

أرامكو.. من شركة طاقة إلى شركة تقنية

أكد أمين الناصر، الرئيس وكبير الإداريين التنفيذيين في أرامكو، أن الشركة تعتبر نفسها شركة تقنية تقدم الطاقة، مشيراً إلى أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي وفّرت للشركة نحو 6 مليارات دولار خلال عامين، مع خطة لاستثمار ملياري دولار إضافية في التحول الرقمي خلال السنوات الثلاث المقبلة.
ووصف ستيف بلمسول، كبير مسؤولي الاستراتيجية في "هيوماين"، الشركة بأنها "أرامكو عصر الذكاء الاصطناعي"، فيما أعلن طارق أمين أن السعودية تطمح لأن تكون ثالث أكبر مزود للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي في العالم بعد الولايات المتحدة والصين.

الصناديق السيادية في قلب التحول التكنولوجي

تلعب الصناديق السيادية الخليجية دوراً مركزياً في تمويل التحول الرقمي، إذ تمتلك السعودية والإمارات وقطر والكويت مجتمعة أكثر من 4 تريليونات دولار، وخصصت جزءاً كبيراً منها للاستثمار في الذكاء الاصطناعي والبنية الرقمية.
وتعد هذه الصناديق اليوم من أكبر الممولين العالميين للتقنيات الناشئة، ما جعلها لاعباً مؤثراً في صناعة يُتوقع أن تُعيد تشكيل أنماط الحياة والاقتصاد العالمي.

شراكات دولية لتعزيز البنية التحتية

في خطوة تعزز الحضور الدولي للاستثمارات الخليجية في التقنية، أعلنت شركة "بلاكستون" الأميركية عن شراكة مع "هيوماين" لإنشاء مراكز بيانات في السعودية باستثمار أولي قدره 3 مليارات دولار.
وفي المقابل، تستضيف أبوظبي شركة "MGX"، التي استثمرت في شركتي "OpenAI" و"xAI" التابعة لإيلون ماسك، ضمن جهودها لبناء منظومة ذكاء اصطناعي متكاملة في المنطقة.

تحديات الكفاءات والاعتماد على الواردات

رغم توفر رأس المال الضخم، تواجه الأسواق الخليجية نقصاً في الكفاءات الهندسية والتقنية المتخصصة في الذكاء الاصطناعي، فضلاً عن اعتمادها الكبير على استيراد أشباه الموصلات، في ظل القيود المفروضة من جانب الولايات المتحدة على تصدير الرقائق المتقدمة.

الذكاء الاصطناعي.. سلاح القوة المستقبلية

يرى محللون أن استثمار دول الخليج في الذكاء الاصطناعي ليس مجرد خيار اقتصادي، بل ضرورة استراتيجية للحفاظ على موقعها في موازين القوى العالمية.
وكتب بول سالم من "معهد الشرق الأوسط" بواشنطن: "الذكاء الاصطناعي سيحدد ملامح القوة في القرن الحادي والعشرين، ومراكز المعالجة تحتاج إلى كميات ضخمة من الطاقة. ودول الخليج تمتلك الطاقة والموارد المالية لتكون في قلب هذا التحول"