النقد الدولي يتوقع نموًا بـ3.2% لاقتصادات الشرق الأوسط في 2025
أكد صندوق النقد الدولي أن اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا قادرة على تحقيق نمو متسارع خلال عام 2025، رغم حالة عدم اليقين العالمي والتوترات الجيوسياسية، مدعومة بزيادة إنتاج النفط، وانتعاش الطلب المحلي، وتحسن أوضاع مستوردي الطاقة بفضل انخفاض الأسعار وارتفاع التحويلات والسياحة.
جاء ذلك في التقرير الصادر عن الصندوق بعنوان "آفاق الاقتصاد الإقليمي: الشرق الأوسط وآسيا الوسطى"، والذي سلط عليه الضوء مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري.
تحسن المؤشرات الاقتصادية وتراجع التضخم
أوضح التقرير أن المنطقة شهدت خلال عام 2025 أداءً اقتصاديًا قويًا نسبيًا، مع تراجع معدلات التضخم واستقرار الأسواق المالية.
وأشار إلى أن المخاطر لا تزال قائمة، خاصة تلك المرتبطة بتقلبات أسعار النفط والتوترات الإقليمية، مؤكدًا ضرورة وجود حيز مالي كافٍ وتسريع الإصلاحات لضمان نمو شامل ومستدام.
كما لفت إلى أن الاقتصادات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان (MENAP) والقوقاز وآسيا الوسطى (CCA) تجنبت إلى حد كبير التداعيات المباشرة لارتفاع الرسوم الجمركية الأمريكية واضطرابات التجارة العالمية، بينما بقي تأثير التوترات الجيوسياسية محدودًا ومؤقتًا.
دعم لمصدّري النفط واستفادة لمستورديه
أشار التقرير إلى أن مصدّري النفط في المنطقة استفادوا من زيادة الإنتاج مع تسارع إنهاء تخفيضات "أوبك+"، فيما حقق مستوردو النفط مكاسب إضافية نتيجة انخفاض أسعار الطاقة وارتفاع تحويلات العاملين بالخارج وانتعاش السياحة.
وفي المقابل، فاجأ النمو في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى التوقعات بفضل الطلب المحلي القوي والتوسع في الائتمان وصادرات الهيدروكربونات.
استقرار مالي رغم السياسات النقدية المتشددة
ورغم تطبيق سياسات نقدية صارمة في عدد من دول المنطقة، أكد الصندوق أن الأوضاع في الأسواق المالية بقيت داعمة للنشاط الاقتصادي، حيث تقلصت فروق العائد على السندات السيادية وتراجعت أسعار الصرف الاسمية، وتمكنت عدة دول من العودة الناجحة إلى أسواق التمويل الدولية.
تباين في اتجاهات التضخم بين المناطق
أوضح التقرير أن معدلات التضخم انخفضت في معظم دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان، بدعم من تراجع أسعار الغذاء والطاقة، في حين شهدت اقتصادات القوقاز وآسيا الوسطى ارتفاعًا في الأسعار نتيجة الضغوط المحلية والمستوردة.
توقعات نمو أقوى في 2025 و2026
توقّع صندوق النقد الدولي أن يبلغ معدل النمو الإقليمي 3.2% في عام 2025، مقارنة بـ 2.1% في عام 2024، وهو ارتفاع بمقدار 0.6 نقطة مئوية عن التقديرات السابقة، على أن يتسارع النمو إلى 3.7% في عام 2026 مدفوعًا بزيادة إنتاج النفط وقوة الطلب المحلي.
وأشار إلى أن متوسط سعر النفط سيبلغ نحو 69 دولارًا للبرميل خلال عام 2025، ما يدعم جهود التنويع الاقتصادي، خاصة في دول مجلس التعاون الخليجي.
أما مستورِدو النفط، فسيتلقون دفعة إيجابية من انخفاض أسعار السلع الأساسية وتحسّن الأوضاع الزراعية وارتفاع التحويلات وانتعاش السياحة.
الأسواق المالية تحافظ على الزخم
أظهر التقرير أن الأسواق المالية في المنطقة لا تزال داعمة، إذ تجاوزت إصدارات السندات السيادية 30 مليار دولار هذا العام، وهو مستوى أعلى من متوسط الأعوام الثلاثة الماضية، مع استمرار تدفقات المحافظ الاستثمارية وتقلص فروق العائد.
المخاطر الجيوسياسية لا تزال قائمة
أشار الصندوق إلى أن التوترات الجيوسياسية، بما في ذلك الصراع بين إسرائيل وإيران في يونيو 2025، أثّرت بشكل محدود ومؤقت على التجارة، لكنها تبقى مصدر قلق رئيسي للاستقرار الإقليمي. كما أشار إلى أن دولًا مثل اليمن والسودان لا تزال تواجه احتياجات إنسانية حادة رغم إحراز بعض التقدم نحو التهدئة.
إصلاحات هيكلية لتعزيز الصمود والنمو
شدد التقرير على ضرورة بناء هوامش وقائية مالية وخارجية لاستيعاب الصدمات المستقبلية، مع تعزيز الأطر المؤسسية والسياسات المالية والنقدية لضمان الاستقرار والثقة على المدى الطويل.
كما دعا إلى تسريع الإصلاحات الهيكلية وتنويع الاقتصادات وتمكين القطاع الخاص وتقليص الحواجز التجارية وتطوير البنية التحتية، بما يعزز القدرة التنافسية ويدعم النمو المستدام في المنطقة.












