36 يومًا من الجمود.. الإغلاق الحكومي يبتلع مليارات أمريكا
على الموقع الرسمي للبيت الأبيض، تدق ساعة الإغلاق الحكومي ثانيةً بثانية، لتقترب من لحظة فارقة تهدد بدخول الولايات المتحدة أطول فترة إغلاق في تاريخها الحديث.
فبحلول يوم الأربعاء، سيكون الإغلاق قد أتم ستةً وثلاثين يومًا، متجاوزًا الرقم القياسي المسجل خلال ولاية الرئيس الأسبق دونالد ترمب بين ديسمبر 2018 ويناير 2019.
خسائر بمليارات الدولارات.. وأثر اقتصادي ممتد
وفقًا لتقديرات مكتب الميزانية في الكونغرس الأمريكي (CBO)، يتراوح حجم الخسائر المباشرة للإغلاق بين 7 إلى 14 مليار دولار، جزء منها لن يمكن تعويضه حتى بعد استئناف العمل الحكومي.
ويتوقع المكتب أن يخسر الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي ما بين 1 إلى 2 نقطة مئوية خلال الربع الأخير من العام الحالي، تبعًا لمدة استمرار الإغلاق.
ثلاثة سيناريوهات محتملة لخسائر الاقتصاد الأمريكي
وضع مكتب الميزانية ثلاثة سيناريوهات رئيسية للخسائر، بناءً على طول فترة الإغلاق:
-
السيناريو الأول (4 أسابيع): تراجع النمو بمقدار نقطة مئوية واحدة، أي نحو 18 مليار دولار.
-
السيناريو الثاني (6 أسابيع): انخفاض بمقدار 1.5 نقطة مئوية تعادل 28 مليار دولار.
-
السيناريو الثالث (8 أسابيع): خسارة نقطتين كاملتين، بقيمة 39 مليار دولار.
ومع تجاوز الإغلاق حاجز الأسبوع الخامس بالفعل، تبدو المؤشرات متجهة نحو السيناريوين الأكثر كلفة.
انعكاسات طويلة الأمد على الاقتصاد الأمريكي
يحذر مكتب الميزانية من أن تداعيات الإغلاق لن تتوقف بانتهاء الأزمة، إذ سيستمر أثرها خلال العام المقبل.
فحتى في حال انتهاء الإغلاق قريبًا، يتوقع المكتب خسائر لا تقل عن 10 مليارات دولار من الناتج المحلي في الربع الأول من 2026، و7 مليارات في كل ربع لاحق من العام.
أما في حال امتد الإغلاق إلى منتصف نوفمبر، فقد تصل خسائر الربع الأول وحده إلى 15 مليار دولار، لتصل إجمالاً إلى أكثر من 45 مليار دولار خلال العام المقبل.
الموظفون الفيدراليون يدفعون الثمن
تشير التقديرات إلى أن حجم الإنفاق الفيدرالي المؤجل يتراوح بين 33 و74 مليار دولار تبعًا لمدى طول الإغلاق، تشمل أجور الموظفين، والمشتريات الحكومية، وبرامج الدعم الغذائي.
ويتجاوز عدد الموظفين الفيدراليين المتضررين من توقف الرواتب مليون موظف، بقيمة أجور مفقودة تتراوح بين 9 و23 مليار دولار.
ورغم أن القوانين تنص على صرف المستحقات بعد انتهاء الإغلاق، إلا أن تجارب سابقة — مثل ما حدث خلال إدارة ترمب — أظهرت محاولات لتقليص عدد العاملين وعدم تعويض بعض الفئات.
إغلاقات سابقة أقل ضررًا
شهدت الولايات المتحدة عدة إغلاقات حكومية سابقة، كان أطولها قبل الأزمة الحالية في عهد ترمب (35 يومًا)، تلاه إغلاق 21 يومًا خلال إدارة بيل كلينتون، وآخر دام 17 يومًا بسبب الخلافات حول الضرائب والميزانية.
أما الإغلاق في عهد جيمي كارتر فكان نتيجة خلافات حول مشروعات الأشغال العامة، واستمر لفترة وجيزة مقارنة بالأزمات اللاحقة.
أزمة سياسية واقتصادية متشابكة
يعكس استمرار الإغلاق الحالي عمق الخلاف بين الكونغرس والإدارة الأمريكية حول الميزانية والإنفاق الفيدرالي، وسط مخاوف من تفاقم العجز المالي وتأثيراته على الثقة في الاقتصاد الأمريكي، خصوصًا في ظل تباطؤ عالمي وارتفاع مستويات الدين العام.
ويرى خبراء أن إطالة أمد الإغلاق ستضعف من صورة الولايات المتحدة كأكبر اقتصاد في العالم، وتؤثر في تصنيفها الائتماني ومكانتها المالية الدولية، ما لم يتم التوصل إلى تسوية عاجلة تعيد فتح مؤسسات الحكومة وإنعاش النشاط الاقتصادي.












