هل ماتت الإنسانية في الملاعب؟.. غزة تحت النار والفيفا في صمت

في وقتٍ يقف فيه العالم متفرجًا على المأساة المستمرة في غزة، كشفت إحصاءات رسمية صادرة عن الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم عن استشهاد 593 رياضيًا منذ بداية العدوان، بينهم 273 لاعب كرة قدم، وسط صمت مطبق من المؤسسات الرياضية الدولية، وعلى رأسها الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا).
العدوان لم يكتفِ بحصد الأرواح، بل امتد إلى تدمير البنية التحتية الرياضية في القطاع بشكل ممنهج، حيث تم تسوية عشرات الملاعب والمنشآت الرياضية بالأرض، في انتهاك واضح للمواثيق الأولمبية والمبادئ التي لطالما تغنت بها المؤسسات الرياضية الدولية، تحت شعار "الرياضة من أجل السلام".
الأرقام تتكلم.. والمؤسسات تصمت
وتؤكد الأرقام المفجعة التي رصدها الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم أن ما يجري أبعد من حرب عسكرية، بل هو عدوان شامل على الحياة بكل تفاصيلها، ومنها الرياضة.
ومع ذلك، لم يصدر حتى الآن أي بيان إدانة أو تضامن رسمي من فيفا، الهيئة الرياضية الأكبر في العالم، رغم أن من بين الضحايا لاعبين وأطفالًا رياضيين وحكامًا ومدربين.
هذا الصمت، بحسب مراقبين، يمثل خذلانًا أخلاقيًا صارخًا ويتناقض مع الرسالة المعلنة للمنظمات الرياضية، خاصة في ظل ما تنص عليه المواثيق الدولية للرياضة واللجنة الأولمبية الدولية من وجوب حماية الرياضيين والمنشآت خلال النزاعات المسلحة.
حين تتكلم الضمائر الحرة.. وتسكت المنصات الرسمية
في ظل هذا التجاهل المؤسسي، صدرت مواقف إنسانية مؤثرة من بعض رموز الرياضة العالمية، كشفت أن هناك من لا يزال يملك ضميرًا حيًا وسط عالم يغرق في التجاهل.
بيب جوارديولا، مدرب مانشستر سيتي، قال بصراحة:"المأساة على بعد 3 أو 4 ساعات منّا، ونحن نلعب وكأن شيئًا لا يحدث.. لدينا إنسانية على الورق، لكن أين هي من فلسطين؟".
سون هيونج مين، نجم توتنهام، قال:"الطعام هو أغلى ما يمكن تقديمه الآن. أناشد الجميع بالمساهمة والتبرع لإنقاذ من يعانون من الجوع والموت".
ديفيد بيكهام، أسطورة إنجلترا ومالك إنتر ميامي، قال في رسالة مؤثرة:"منذ انهيار وقف إطلاق النار، يعيش الأطفال في كابوس.. واحد من كل ثلاثة لم يأكل منذ أيام، و80% من وفيات المجاعة هم من الأطفال".
هذه الرسائل الفردية، رغم بساطتها، جاءت أكثر تأثيرًا من مواقف مؤسسات تملك كل أدوات الضغط والنفوذ، لكنها آثرت أن تصمت أو تلتزم الحياد في مواجهة كارثة إنسانية بهذا الحجم.
يبدو أن ما يحدث في غزة لا يكفي لتحريك شعارات مثل "الرياضة من أجل السلام"، و"كرة القدم للجميع"، و"من أجل اللعبة.. من أجل العالم" التي ترفعها فيفا والاتحادات الكبرى. ومع تصاعد عدد الشهداء من الرياضيين، يصبح السؤال أكبر من مجرد انتقاد:
في ظل غياب العدالة والإنصاف، تظل دماء الرياضيين في غزة وصمة عار على جبين كل من اختار أن يسكت، بينما أطفال غزة يمارسون الرياضة بين أنقاض الملاعب، إن بقيت أنقاض أصلاً.