الأحد 26 أكتوبر 2025 08:58 مـ 4 جمادى أول 1447 هـ
بوابة بالعربي الإخبارية
المحرر العام محمد رجب سلامة
×

رؤية السعودية 2030: من جذب الاستثمار إلى التأثير المالي

الأحد 26 أكتوبر 2025 02:53 مـ 4 جمادى أول 1447 هـ
سامر شقير
سامر شقير

تُعد تصريحات وزير الإسكان السعودي ماجد الحقيل، خلال القمة العالمية للبروبتك في الرياض، دلالة واضحة على أن المملكة لا تسير بخطى واثقة نحو تحقيق مستهدفات رؤية 2030 فحسب، بل إنها بدأت فعلياً في ترسيخ موقعها كمنصة عالمية محورية للاستثمار والابتكار المالي والتقني.


الاستثمار الأجنبي: من الجذب إلى التمكين

حينما تُعلن المملكة عن تحقيقها قرابة 30 مليار دولار سنوياً من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتضع مستهدفاً طموحاً بـ 100 مليار دولار سنوياً بحلول نهاية العقد، فنحن لا نتحدث عن أرقام مجردة، بل عن تحول جذري في فلسفة الاقتصاد السعودي.

فالمملكة لم تعد تعتمد بشكل شبه كلي على العائدات النفطية، بل باتت تبني اقتصاداً قائماً على التنوع، الانفتاح، والكفاءة الاستثمارية. هذا التحول يعني أن بيئة الأعمال السعودية أصبحت أكثر جاذبية واستقراراً، مدعومة بتشريعات مرنة، وبنية تحتية رقمية متطورة، ومناخ استثماري منفتح على العالم.


الرياض.. مركز عالمي للتقنية العقارية والتمويل المبتكر

شعار القمة "الابتكار لمستقبل مستدام في الرياض" يؤكد أن التحول العقاري في المملكة يتجاوز كونه طفرة إنشائية لبناء مدن جديدة، ليصبح ركيزة أساسية لبناء اقتصاد معرفي يستخدم التقنية كأداة للنمو المستدام.

قطاع "البروبتك" – أو التقنية العقارية – يمثل هنا المحرك الرئيسي للتحول نحو مدن ذكية ومستدامة، تعتمد على تحليلات البيانات والذكاء الاصطناعي لتخطيط المساحات، ورفع كفاءة الطاقة، وجعل تجربة السكن والعمل أكثر جودة ومرونة.


العملات الرقمية والمشهد المالي الجديد

النقطة الأبرز في حديث الحقيل كانت إشارته الواعية لأرقام الثورة المالية العالمية: معالجة العملات المشفرة لأكثر من 9 تريليونات دولار من المعاملات العام الماضي، وتجاوز سوق العملات المستقرة 300 مليار دولار في القيمة السوقية.

هذه الأرقام تعكس أن العالم يعيش ثورة مالية حقيقية، تتجه فيها رؤوس الأموال نحو أدوات جديدة توازن بين الابتكار والاستقرار. إن إدراك المملكة المبكر لهذا التحول، وفتحها الباب أمام "الابتكار المالي المنضبط" -عبر بيئات تشريعية تجريبية (Sandbox)- لا يعزز مكانتها كمركز مالي إقليمي تقليدي فحسب، بل يؤهلها لقيادة المشهد الجديد للتقنية المالية (الفنتك) في المنطقة.


دور الرؤية في بناء اقتصاد مستدام

ما يحدث اليوم في السعودية ليس مبادرات متفرقة، بل هو تنفيذ متكامل ومتناغم لرؤية شاملة:
* مشروعات كبرى مثل نيوم والقدية والدرعية تشكل منصات جذب نوعية للاستثمار الأجنبي.
* التشريعات الجديدة تسهّل تأسيس الشركات وتحمي المستثمرين وتواكب المتغيرات العالمية.
* التحول الرقمي يجعل من الرياض مركزاً عالمياً للتقنيات الناشئة، بما فيها "الفنتك" و"البروبتك" و"البلوكشين".


خاتمة: السعودية الجديدة على خريطة الاستثمار العالمي

إن الأرقام التي أعلنها وزير الإسكان ليست مجرد مؤشرات مالية، بل هي شهادة على نجاح التحول الهيكلي للاقتصاد السعودي.
فالمملكة اليوم لا تكتفي بجذب الاستثمارات، بل تُعيد صياغة قواعد اللعبة الاقتصادية في المنطقة، عبر دمج الاستدامة، التقنية، والانفتاح المالي في نموذج تنموي جديد. ومع اقترابنا من عام 2030، يتأكد أن الرياض تسير بخطى ثابتة لتكون، ليس فقط عاصمة للاستثمار التقليدي، بل عاصمة للابتكار المالي والتقني في الشرق الأوسط.